الأشياء المخلوقة، فهذا الخبر تكذيباً لمن ألح في كتابه وافترى عليه وشبهه بخلقه، قال تعالى:{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون} الأعراف.
ثم عدد أسماءه في كتابه ولم يتسم بالشيء، ولم يجعله اسماً من أسمائه.
واحتج -رحمه الله- بأن الله ذم اليهودي (١) الذي نفى أن تكون التوراة شيء فقال: {وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشرٍ من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدىً للناس} الأنعام ٩١.
واستدل بقوله:{ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحي إليَّ ولم يوح إليه شيء} الأنعام ٩٣.
وهكذا يمضي الإمام عبد العزيز الكناني -رحمه الله- في استنباط الأدلة رداً على بشر المريسي، الذي طلب دليلاً على أن القرآن شيء، ولكن لا كالأشياء.
فقال الكناني: قال الله عز وجل: {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} النحل ٤، وقال:{إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون} يس ٨٢، وقال:{وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون} البقرة ١١٧.
فدل عز وجل بهذه الأخبار كلها وأشباه لها كثيرة على أن كلامه ليس كالأشياء وأنه غير الأشياء وأنه خارج عن الأشياء، وأنه إنما " تكون الأشياء بقوله وأمره ثم ذكر خلق الأشياء كلها فلم يدع منها شيء إلا ذكره وأخرج كلامه وقوله وأمره منها ليدل على أن كلامه غير الأشياء
(١) يشير الإمام الكناني للحبر اليهودي: مالك بن الصيف الذي خاصم النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - (أُنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى: أما تجد في التوراة أن الله يبغض الحبر السمين) وكان حبراً سميناً، فقال: والله ما أنزل اللهُ على بشر من شيء. تفسير الطبري (١١/ ٥٢١)، تفسير البغوي (٣٦٦).