للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله صلى الله عليه وسلم في مسائل الصفات وقد صور الإمام المقريزي -رحمه الله- كيف تدرج الناس في هذه المسألة المهمة فقال:

اعلم أن الله تعالى - لما بعث من العرب نبيه محمداً رسولاً إلى الناس جميعاً وصف لهم ربهم سبحانه وتعالى بما وصف به نفسه الكريمة في كتابه العزيز الذي نزل به على قلبه صلى الله عليه وسلم الروح الأمين وبما أوحى إليه ربه تعالى فلم يسأله عن معنى شيء من ذلك، كما كان يسألونه صلى الله عليه وسلم عن أمر الصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك مما لله فيه سبحانه أمر ونهي، وكما سألوه صلى الله عليه وسلم عن أحوال القيامة والجنة والنار، إذ لو سأله إنسان منهم عن شيء من الصفات الإلهية لنقل كما نقلت الأحاديث الواردة عنه صلى الله عليه وسلم في أحكام الحلال والحرام، وفي الترغيب والترهيب، وأحوال القيامة، والملاحم، والفتن ونحو ذلك مما تضمنته كتب الحديث في معاجمها ومسانيدها وجوامعها، ومن أمعن النظر في دواوين الحديث النبوي ووقف على الآثار السلفية علم أنه لم ير قط من طريق صحيح ولا سقيم عن أحد من الصحابة -رضي الله عنهم- على اختلاف طبقاتهم وكثرة عددهم أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى شيء مما وصف به الرب سبحانه به نفسه الكريمة في القرآن الكريم وعلى لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، بل كلهم فهموا معنى ذلك وسكتوا عن الكلام في الصفات.

نعم ولا فرق أحد منهم بين كونها صفة ذات أو صفة فعل وإنما أثبتوا له تعالى صفات أزلية من العلم والقدرة والحياة والإرادة والسمع والبصر والكلام والجلال والإكرام والجود والإنعام والعز والعظمة وساقوا الكلام سوقاً واحداً وهكذا أثبتوا -رضي الله عنهم- ما أطلقه الله سبحانه على نفسه الكريم من الوجه واليد ونحو ذلك مع نفي مماثلة المخلوقين، فأثبتوا - رضي

<<  <   >  >>