للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله عنهم- بلا تشبيه ونزهوا من غير تعطيل ولم يتعرض أحدٌ منهم إلى تأويل شيء من هذا، ورأوا بأجمعهم إجراء الصفات كما وردت ولم يكن عند أحدٍ منهم ما يستدل به على وحدانية الله تعالى، وعلى إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم سوى كتاب الله، ولا عرف أحدٌ منهم شيئاً من الطرق الكلامية ولا مسائل الفلسفة. (١)

ونقلت هذا الكلام على طوله لنفاسته في عرض العصر النقي الصافي، ثم توالت العصور وأحدث من أحدث في الكلام في الصفات كالجعد بن درهم (٢) والجهم بن صفوان ومقاتل بن سليمان (٣) وغيرهم من المعطلة والمشبهة، فقام أهل السنة في الذب عن الدين وتوضيح الكلام ونشروا لذلك الردود وبينوا النصوص وقعدوا القواعد.

وللبيان فالناس في هذا الباب على ثلاثة أصناف:

الصنف الأول: المعطلة:

وهم الذين عطلوا الرب عما يجب أن يثبت له من الأسماء والصفات وهذا على مراتب:

١ - وصف الله بسلب النقيضين وهو مذهب غلاة المعطلة، فإنهم يقولون لا موجود ولا معدوم ولا حي ولا ميت، لأننا لو وصفناه بالإثبات لشبهناه بالمخلوقات، ولو وصفناه بالنفي لشبهناه بالمعدومات.

٢ - وصف الله بالسلب والإضافة دون صفات الإثبات، وهو مذهب المعطلة من الفلاسفة والجهمية وهؤلاء كلهم ينفون الأسماء والصفات.

٣ - إثبات الأسماء دون الصفات وهو مذهب المعتزلة ومن تبعهم.


(١) المواعظ والاعتبار للمغريزي (الخطط) ٣/ ٣٠٩ - ٣١٠.
(٢) الجعد بن درهم مبتدع من الموالي له أخبار في الزندقة، قال الذهبي: عداده في التابعين مبتدع ضال، قتله خالد القسري لزعمه أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولم يكلم موسى، (ت ١١٨ هـ) سير أعلام النبلاء (٥/ ٤٣٣).
(٣) مقاتل بن سليمان الأزدي من أعلام المفسرين كان متروك الحديث وكان يشبه الرب بالمخلوقين، قال أبوحنيفة أفرض مقاتل في الإثبات حتى جعل الله مثل خلقه، (ت ١٠٥ هـ) سير أعلام النبلاء (٧/ ٢٠١).

<<  <   >  >>