للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الخطابي -رحمه الله-: السميع بمعنى السامع إلاّ أنه أبلغ في الصفة، وبناؤه فعيل بناء المبالغة، كقولهم عليم من عالم وقدير من قادر (١)، وبهذا أيضاً فسره ابن جرير فقال: "وهو السميع البصير" السميع لما ينطق به خلقه من قول. (٢)

وقال (في البصير) والله ذو ابصار بما يعملون لا يخفى عليه شيء من أعمالهم بل هو بجميعها محيط ولها حافظ ذاكر حتى يذيقهم بها العقاب باجزاءها، وأصل بصير مبصر، من قول القائل أبصرت فأنا مبصر ولكن صرف إلى فعيل كما صرف مسمع إلى سميع وعذاب مؤلم إلى اليم ومبدع إلى بديع وما أشبه ذلك. (٣)

وقد خالف أهل السنة في فهم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجهمية وتبعهم المعتزلة وتأولوا السمع والبصر أنهما بمعنى العلم، فقالوا إنه عالم بالأصوات والألوان لا يسمع بسمع ولا يبصر ببصر، وضربوا مثالاً بقولهم عن الأعمى ما أبصره أي ما أعلمه وإن كان لا يبصر بعين وادعوا أنه لم يثبت نص أنه يسمع بسمع ويبصر ببصر.

وقد وافق الجهمية في هذا القول من المعتزلة: الكعبي (٤) ومعتزلة بغداد. (٥)

وقد نبه بعض شراح البخاري إلى أن هذا هو مقصوده - رحمه الله- إذ أن كتابه في الرد على الجهمية وأنه بوب بقوله وكان الله سميعاً بصيراً ليثبت هاتين الصفتين وأنه يسمع ويبصر حسب تسلسل النصوص التي أوردها ويمكن القول بهذا وبالرد على المعتزلة.


(١) شأن الدعاء صـ ٥٩.
(٢) جامع البيان ٢٥/ ٩.
(٣) جامع البيان ١/ ٣٤١.
(٤) عبدالله بن أحمد بن محمود الكعبي، أحد أئمة المعتزلة وتنسب إليه الكعبية، (ت ٣١٩ هـ) الأعلام (١/ ٦٥).
(٥) نهاية الأقدام صـ ٣٤١. والفرق بين الفرق صـ ١٦٥، ١٦٧.

<<  <   >  >>