للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله عنه- قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {إن الله كان سميعاً بصيراً) النساء ٥٨. فوضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه. (١)

قال البيهقي: والمراد بالإشارة المروية في هذا الخبر تحقيق الوصف لله عز وجل بالسمع والبصر، ثم قال وأفاد أنه سميع بصير، له سمع وبصر، لا على معنى أنه عليم إذ لو كان بمعنى العلم لأشار في تحقيقه إلى القلب؛ لأنه محل العلوم منا وليس في الخبر إثبات الجارحة -تعالى الله- عن شبه المخلوقين علواً كبيراً. (٢)

ومثل هذا روى عن ابن عباس -رضي الله عنه- في قوله تعالى {تجري بأعيننا} القمر ١٤. قال أشار بيده إلى عينه. (٣)

قال إمام الأئمة ابن حزيمة في هذا الباب العظيم: وتدبروا أيها العلماء ومقتبسوا العلم مخاطبة خليل الرحمن أباه وتوبيخه إياه لعبادته من كان يعبد، تعقلوا بتوفيق خالقنا -جل وعلا- صحة مذهبنا وبطلان مذهب مخالفينا من الجهمية المعطلة، ثم أطال -رحمه الله- في رد شبه الجهمية واستدل بأحاديث البخاري في إثبات أن الله يسمع بسمع ويبصر ببصر مع التنزيه اللائق بالله تبارك وتعالى والله أعلم. (٤)

قال ابن القيم -رحمه الله-:

وهو السميع يرى ويسمع كل ما ... في الكون من سر ومن إعلان

ولكل صوت منه سمع حاضر ... فالسر والإعلان مستويان

والسمع منه واسع الأصوات لا ... يخفى عليه بعيدها والداني


(١) أخرجه أبو داود ح (٤٧٢٨).
(٢) الأسماء والصفات صـ ٢٣٤. والحديث حسنه الحافظ في الفتح ٣/ ٣٧٣.
(٣) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي ٣/ ٤٥٦.
(٤) التوحيد لابن خزيمة ١/ ١٠٦ وما بعدها.

<<  <   >  >>