للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى: {هو الأول والآخر والظاهر والباطن} ولأن في آخرها دلالة صريحة على صفة العلم فقال: {وهو بكل شيء عليم}. (١)

وهذا الباب من الإمام البخاري ردٌ على غلاة القدرية وعلى الذين ينكرون علم الله السابق، وقد أنكر عليهم السلف إنكاراً شديداً وكفروهم، بل وأفتوا بقتلهم إن لم يرجعوا، قال الإمام أحمد -رحمه الله-: القدري الذي يقول إن الله لم يعلم الشيء حتى يكون هذا كافر.

وقال أبو بكر المروزي سمعت أبا عبد الله (يعني أحمد بن حنبل) يقول: إذا جحد العلم قال: إن الله عز وجل لا يعلم الشيء حتى يكون استتيب فإن تاب وإلاّ قتل. (٢)

ونتيجة لهذا الإنكار من السلف ولرداءة هذا المعتقد تراجع تراجعاً سريعاً حتى لم يعد له وجود، وأشار إلى ذلك شيخ الإسلام، فقال: " لما اشتهر الكلام في القدر ودخل فيه كثير من أهل النظر والعباد صار جمهور القدرين يقرون بتقدم العلم وإنما ينكرون عموم المشيئة والخلق. (٣)

وقال الحافظ: وقد حكى المصنفون في المقالات عن طوائف من القدرية إنكار كون الباري عالماً بشيء من أعمال العباد قبل وقوعها منهم وإنما يعلمها بعد كونها، قال القرطبي: قد انقرض هذا المذهب ولا نعرف أحداً ينسب إليه من المتأخرين، قال: والقدرية اليوم مطبقون على أن الله عالم بأفعال العباد قبل وقوعها وإنما خالفوا السلف في زعمهم بأن أفعال العباد


(١) شرح كتاب التوحيد للشيخ عبد الحق الهاشمي صـ ٣٠.
(٢) السنة للخلاّل ٣/ ٥٣٢.
(٣) الإيمان لابن تيمية صـ ٣٦٩.

<<  <   >  >>