للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقدورة لهم وواقعة منهم على جهة الاستقلال وهو مع كونه مذهباً باطلاً أخف من المذهب الأول. (١)

وهذا الذي عناه الإمام الشافعي -رحمه الله- بقوله: ناظروا القدرية بالعلم فإن أقروا به خصموا وإن أنكروا كفروا. (٢)

وقولهم هذا حدث في أواخر عصر الصحابة، فقد جاء عن يحيى بن يعمر (٣) قال: كان أول من قال في القدر معبد الجهني (٤) ثم ساق قصة لقاءه بعبد الله بن عمر وعرض عليه أمر هؤلاء وأنهم يقولون لا قدر وأن الأمر أنف فقال ابن عمر: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وانهم براء مني والذي يحلف به ابن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر. (٥)

ومعنى قولهم لا قدر وأن الأمر أنف، أي مستأنف لم يسبق به قدر ولا علم من الله تعالى وإنما يعلمه بعد وقوعه، وأن الله أمر العباد ونهاهم وهو لا يعلم من يعصيه ممن يطيعه حتى فعلوا ذلك فعلمه بعدما فعلوه. (٦)


(١) فتح الباري ١/ ١١٩.
(٢) شرح الطحاوية صـ ٣٥٤.
(٣) يحيى بن يعمر العدواني، أول من نقَّط المصاحف، كان من علماء التابعين وكان فصيحاً، (ت ١٢٩ هـ) الأعلام (٨/ ١٧٧).
(٤) معبد بن عبدالله البصري، أول من قال بالقدر من التابعين، وعنه أخذ غيلان مقالته قُتِل على القول بالقدر (ت ٨٠ هـ) الأعلام (٧/ ٢٦٤).
(٥) رواه مسلم ١/ ٣٦.
(٦) انظر للتوسع الإيمان لابن تيمية صـ ٣٦٤ - ٣٦٩.

<<  <   >  >>