للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث: من ينفون قيام الإرادة به وهو قول الجهمية والمعتزلة على خلاف بينهم فيمن ينفيها أو يفسرها بأنها نفس الأمر والفعل أو يقول بحدوث إرادة لا في محل كقول البصريين من المعتزلة. (١)

الرابع: أنه لم يزل مريد بإرادات متعاقبة، فنوع الإرادة قديم وأما إرادة الشيء المعين فإنه يريده في وقته وهو سبحانه يقدر الأشياء ويكتبها ثم بعد ذلك يخلقها، فهو إذا قدرها علم ما سيفعله وأراد فعله في الوقت المستقبل لكن لم يرد فعله في تلك الحال، فإذا جاء وقته أراد فعله فالأول عزم والثاني قصد (٢)، وهو قول أهل السنة.

ولعظم هذه المسألة بوب لها الإمام البخاري -رحمه الله- بقوله: بابٌ في المشيئة والإرادة. ثم ساق الآيات والأحاديث التي تنص على مشيئته تبارك وتعالى التامة، وساق في بيانها بعد ست آيات ساق سبعة عشر حديثاً فيها ذكر المشيئة والإرادة بل أشار -رحمه الله- إلى نوعي الإرادة، فأشار إلى الإرادة الكونية بقوله تعالى {توتي الملك من تشاء} آل عمران ٢٦، وقوله {وما تشاؤون إلاّ أن يشاء الله} الإنسان ٣٠، وقوله {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلاّّ أن يشاء الله} الكهف ٢٣، وقوله {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} القصص ٥٦. لأن الإرادة الكونية هي المشيئة العامة التي لا يخرج عنها شيء.


(١) انظر تفصيل أقوال المعتزلة في (المعتزلة) د. عواد المعتق صـ ١٠٣ وما بعدها. والرد عليهم في (الإبانة) للأشعري صـ ١١٧ - ١٢٦.
(٢) من كلام شيخ الإسلام (الفتاوى ١٦/ ٣٠١ - ٣٠٣) بتصرف.

<<  <   >  >>