للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الذي قرره شارع الطحاوية ونسبه إلى المحققين من أهل السنة وأن المشيئة هي الإرادة الكونية الشاملة لجميع الحوادث كقوله تعالى عن نوح {ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم} (١) هود ٣٤.

واختلفوا هل مشيئة الله شاملة لفعله وفعل عباده أو هي خاصة بفعله؟

أهل السنة يقولون أنها عامة فيما يتعلق بفعله وفيما يتعلق بفعل عباده، ففعله كإنزال المطر والأحياء والإماتة، وفعل عباده كصلاح العبد وفساد العبد، قال تعالى {لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين} فقيد فعلهم بمشيئته فهي شاملة لفعل العبد أيضاً. (٢)

وأما الخلاف فيما يريده الله تبارك وتعالى من مثل قوله {وإذا أردنا} الإسراء ١٦، فالناس فيه على أقوال:

الأول: أن الإرادة أزلية قديمة واحدة وإنما يتجدد تعلقها بالمراد ونسبتها إلى الجميع واحدة، ولكن من خواص الإرادة أنها تخصص وهذا قول ابن كلاب والأشعري ومن تابعهما.

الثاني: أن الإرادة واحدة قديمة لكنها تحدث عند تجدد الأفعال، إرادات في ذاته بتلك المشيئة القديمة وهو قول الكرامية.


(١) شرح العقيدة الطحاوية صـ ٧٩، ٨٠.
(٢) شرح كتاب التوحيد لابن عثيمين صـ ١٤٨.

<<  <   >  >>