للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن عمل بما أمره الله بنية وإرادة كان مطيعاً لله عاملاً له، وإن ترك أمره قاصداً لذلك، كان عاصياً لله وذلك بتقدير العزيز العليم.

- ثم قال- وأمر التعبد يعيده مرة بعد أخرى ويكرره ويعد على العمل به ويوعد على ترك العمل به، وأمر التكوين لا يكون إلاّ مرة واحدة ولا وعد فيه ولا وعيد. (١)

وهناك إشارة إلى تعلق هذا الأمر بالإرادة وضّحه الإمام ابن القيم بقوله: أمر الله تبارك وتعالى نوعان، أمر كوني قدري، وأمر ديني شرعي، فمشيئته سبحانه متعلقة بأمره وخلقه الكوني وكذلك تتعلق بما يحبه وبما يكرهه كله داخل تحت مشيئته كما خلق إبليس وهو يبغضه وخلق الشياطين والكفار والأفعال المسخوطة له وهو يبغضها فمشيئته سبحانه وتعالى شاملة لذلك كله.

وأما محبته ورضاه فمتعلقة بالأمر الديني وشرعه الذي شرعه على ألسنة رسله فما وجد فيه تعلقت به المحبة والمشيئة جميعها، فهو محبوب للرب واقع بمشيئته كطاعات الملائكة والأنبياء والمؤمنين وما لم يوجد منه تعلقت به محبته وأمره الديني ولم تتعلق به مشيئته، وما وجد من الكفر والفسوق والمعاصي تعلقت به مشيئته لا محبته، فلفظ المشيئة كوني ولفظ المحبة ديني شرعي والإرادة الكونية هي المشيئة. (٢)


(١) تعظيم قدر الصلاة للمروزي ٢/ ٥٥٦، ٥٥٨.
(٢) شفاء العليل لابن القيم صـ ٨٨.

<<  <   >  >>