للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الامام البربهاري (١) " واعلم انما هلال الجهمية من انهم فكروا في الرب عز وجل فأدخلوا (لم وكيف) وتركوا الأثر ووضعوا القياس، قاسوا الدين على رأيهم فجاؤوا بالكفر عياناً " (٢) وعلى هذا اثبت الأئمة في ما ساقوه في معتقداتهم ومصنفاتهم في ردودهم على الجهمية والمعتزلة أو في بيان السنة قال شيخ الإسلام إسماعيل الصابوني عن أهل السنة: ويقولون انه خلق آدم بيده كما نص سبحانه في قوله {قال يا ابليس ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي} ص ٥٧.

ولا يحرفون الكلام عن مواضعه بحمل اليدين على النعمتين أو القوتين تحريف المعتزلة والجهمية اهلكهم الله ولا يكيفونها بكيف ويشبهونها بايدي المخلوقين تشبيه المشبهة خذلهم الله (٣) وهو الذي قرره الإمام الاشعري: أن من جملة ما عليه أهل الحديث والسنة أن لله يدين بلا كيف، ثم ساق الأدلة لذلك في عدة كتب له (٤) ومثله الامام الاصبهاني في الحجة قال: (فصل في اثبات اليد لله تعالى صفة له) ثم قال: (ذكر البيان من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - على إثبات اليد موافقاً للتنزيل). (٥)

والنصوص التي وردت في اثبات اليدين تضمنت اثبات صفات أخرى لهذه اليد وهو الذي نراه في الاحاديث التي استشهد بها الأئمة على ذلك فمنها: -

١ - صفة اليمين كما في حديث ابي هريرة (يمين الله ملآى) وقوله (أخذها الرحمن بيمينه).

٢ - صفة الكف كما في حديث الصدقة (فتربوا في كف الرحمن).

٣ - صفة الأصابع كما في حديث الحبر اليهودي الذي رواه البخاري في الباب من حديث النواس بن سمعان -رضي الله عنه-.

٤ - صفة القبض والطي كما في حديث ابن عمر (يقبض الله الارض).

٥ - صفة البسط كما في قوله تعالى {بل يداه مبسوطتان}.

قال ابن القيم رحمه الله: " فهذا القبض والبسط والطي باليمين والاخذ والوقوف على يمين الرحمن والكف وتقليب القلوب باصابعه ووضع السموات على اصبع والجبال على أصبع وذكر احدى اليدين ثم قوله " وبيده الاخرى - ممتنع فيه اليد المجازية سواء بمعنى القدرة أو بمعنى النعمة فانها لا يتصرف فيها هذا التصرف، هذه لغة العرب نظمهم ونثرهم هل تجدون فيها ذلك اصلاً. (٦)

قال الامام أحمد (من زعم ان يداه نعماه كيف يصنع بقوله (خلقت بيديّ) مشددة (٧)، والإمام البخاري قرر هذه الصفة وبوب لها وساق من الاحاديث ما يدل على ثبوتها، فحديث انس فيه (خلقك بيده) ثم حديث ابي هريرة قال: يد الله ملآى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار، وقال (أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والارض فانه لم يغض ما في يده) وقال (وكان عرشه على الماء وبيده الاخرى الميزان يخفض ويرفع)، وحديث ابن عمر (أن الله يقبض يوم القيامة الارض وتكون السموات بيمينه ثم يقول انا الملك)، فهذه الآية فيها اثبات اليدين لله ثم أورد رحمه الله ما يدل على ذلك من السنة فقال (بيده) مرة ثم قال (وبيده الأخرى) ثم ساق رحمه الله ما يدل على الاصابع للرحمن فجاء بحديث ابن مسعود ان يهودياً


(١) الحسن بن علي بن خلف البربهاري، شيخ الحنابلة كان قوالاً للحق داعية إلى الأثر، عاصر الأشعري وكان مطاعاً، (ت ٣٢٨ هـ)، سير اعلام النبلاء (١٥/ ٩٠).
(٢) الحجة في بيان المحجة للاصبهاني ١/ ١٨٥
(٣) شرح السنة للامام البربهاري ٢٧.
(٤) عقيدة السلف اصحاب الحديث للصابوني صـ ٢٦.
(٥) مقالات الإسلاميين ١/ ٣٤٥ والابانة ص ٤١ ورسالة اهل الثغر صـ ٦٩.
(٦) مختصر الصواعق ٢/ ٣٢٥ وانظر تأصيلاً لهذا رد الدارمي ص ٣٨٨ - ٣٩١.
(٧) ابطال التأويلات لابي يعلى ١/ ١٦٩.

<<  <   >  >>