للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد رد الدارمي على هذه الشبهة أيضاً بقوله: " وهل من شيء ليس تحت قدرة الله التي وسعت كل شيء حتى خص الرسول - صلى الله عليه وسلم - القلوب من بينها بقدرتين (١) وهناك من جعل ضحك الرسول - صلى الله عليه وسلم - تعجباً لا موافقة وانكاراً لا موافقة، وهذا يعيد قال ابن خزيمة " قد أجل الله تعالى نبيه من أن يوصف ربه بحضرته بما ليس هو من صفاته فيجعل بدل وجوب النكير والغضب على المتكلم به ضحكاً بل لا يصف النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الوصف مؤمن مصدق برسالته. (٢) فتمر هذه الاحاديث والصفات على ما يليق بجلال الله. قال الامام وكيع بن الجراح نسلم هذه الاحاديث كما جاءت ولا نقول كيف كذا ولا لم كذا؟ يعني مثل حديث بن مسعود ان الله عز وجل يحمل السموات على أصبع وحديث قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن ونحوها من الاحاديث. (٣)

واختم هذا المبحث في الصفات الخبرية بقول شيخ الاسلام رحمه الله " فهل يجوز ان يملأ الكتاب والسنة من ذكر اليد وان الله خلق بيده وان يداه مبسوطتان وان الملك بيده، وفي الحديث ما لا يحصى، ثم ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واولي الأمر: لا يبينون للناس ان هذا الكلام لا يراد به حقيقته ولا ظاهره؟ حتى ينشأ (جهم بن صفوان) بعد انقراض عهد الصحابة فيبين للناس ما نزل اليهم على نبيهم ويتبعه عليه بشر بن غياث ومن سلك سبيلهم من كل مغموص عليه بالنفاق. وكيف يجوز ان يعلمنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - كل شيء حتى الخراءة ثم يترك الكتاب المنزل عليه وسنته الغراء مملوة مما يزعم الخصم ان ظاهره التشبيه والتجسيم. وان اعتقاد ظاهره ضلال ثم لا يبين ذلك ولا يوضحه، وكيف يجوز للسلف ان يقولوا أمروها كما جاءت مع أن معناها المجاز


(١) الرد على المريسى ص ٤١٨
(٢) التوحيد لابن خزيمة ١/ ١٧٨
(٣) السنة لعبد الله بن الامام احمد ١/ ٢٦٧، وقاله مناسبة لهذه الأحاديث بالذات.

<<  <   >  >>