للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحدثة أو بعبارة اخرى لا يتجدد له وصف لم يكن فنفي حلول الحوادث بهذا المفهوم صحيح من لوازم التنزيه لله تبارك وتعالى ولكن ان اريد باطلاقه نفي الصفات الاختيارية

أعني أنه لا يفعل ما يريد فلا يتكلم إذا شاء وأنه لا يغضب ولا يرضى مع نفي التشبيه ولا ينزل ولا يستوي كما وصف نفسه ولاق بجلاله فهذا نفي باطل لا يسلم لقائله

وقد بين الإمام البخاري رحمه الله هذا الأمر بايسر عبارة

وواضح دليل لمن تأمل فقال رحمه الله:

باب قول الله تعالى: {كل يوم هو في شأن} الرحمن ٢٩

و{ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} الأنبياء ٢ وقوله تعالى {لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً} الطلاق ١

ثم اتى بالقول الفصل في هذه المسألة فقال: وأن حدثه لا يشبه حدث المخلوقين لقوله تعالى {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} الشورى ١١

ساق البخاري هذا الباب وهو مهم بالنسبة لافعال الله عز وجل لاثبات ان لله صفات هي افعال يفعلها متى شاء ويصح ان نطلق عليها حادثة لكنها ليست كحدوث المخلوقين التي قد يعتريها العجز وقد يعتريها الخفاء وما اشبه ذلك من نواقص حوادث المخلوقين

وقال د. الغنيمان يريد بهذا بيان ان الله تعالى يحدث ما يريد احداثه في أى وقت اراد وان احداثه ذلك من افعاله التي هو اوصاف له (١)

وقد نبه البخاري رحمه الله في اكثر من موضع على هذه المسألة فأشار إلى مسألة انكار افعال الله من القول والفعل مما له تعلق بمشيئة الله وارادته وقدرته مما انكرته الجهمية ومن تبعهم فقال [باب ما جاء في تخليق السموات والارض وغيرها من الخلائق وهو فعل الرب تبارك وتعالى وأمره

فالرب بصفاته وفعله وامره وهو الخالق المكون غير مخلوق وما كان بفعله وامره وتخليقه وتكوينه فهو مفعول مخلوق مكون]

ثم قال أيضاً [سورة باب قول الله تعالى، {ولا تنفع الشفاعة عنده إلاّ لمن اذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} سبأ ٢٣ ولم يقولوا ماذا خلق ربكم]

فالله تبارك وتعالى يحدث من امره ما يشاء من القول والأمر والفعل وكما أنه ليس له مثل في ذاته كذلك ليس له في افعاله) والآيات التي استشهد بها البخاري رحمه الله من قوله تعالى {كل يوم هو في شأن} الرحمن ٢٩ قال عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين سأله اصحابه ما ذاك الشأن قال عليه الصلاة والسلام " أن يغفر ذنباً ويفرج كرباً ويرفع قوماً ويضع آخرين " (٢)

ونقل مثل ذلك الإمام البغوي قول عامة المفسرين عن هذه الآية فقال: قال المفسرون: من شأنه ان يحي ويميت ويرزق ويعز قوماً ويذلك قوماً ويشفي مريضاً ويفك عانياً ويفرج


(١) شرح كتاب التوحيد للغنيمان ٢/ ٥٠٦
(٢) رواه البخاري تعليقاً عن ابي الدرداء في تفسير سورة الرحمن جازماً به ووصله ابن حجر ١٣/ ٥٠٧
ورواه ابن حبان مرفوعاً وابن ماجة ١/ ٧٣ حديث ٢٠٢ وسنده حسن

<<  <   >  >>