للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معنى قوله وكان عرشه على الماء كقوله وكان الله عليا حكيما) (١) يعني ان كان هنا لا تدل على أن ذلك امر قد مضى وانقضى بل تدل على ثبوته فهو كان ولا يزال على ما كان وليس معنى ذلك ان شيئا من مفعولاته قديم معه بل هو خالق كل شيء وكل شيء سواه مخلوق له وكل مخلوق محدث كائن بعد ان لم يكن مع أنه تعالى لم يزل بصفاته خالقاً فعالاً لما يريد (٢)

والبخاري أورد هذا الحديث للدلالة على عظم العرش وان له شأناً غير السموات والارض وان وجوده قبل وجودهما، ومثل هذا الحديث الذي رواه ابو هريرة وفيه (وعرشه على الماء) فالعرش والماء سابق على وجود السموات والارض بزمن لا يعلم مقداره إلاّ الله.

ثم أورد حديث افتخار أم المؤمنين زينب على ازواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقول " زوجكن اهاليكن وزوجني الله - تعالى - من فوق سبع سموات) وهذا بيان ان العرش فوق السموات فيكون الله فوق السموات لأنه سبحانه فوق العرش (٣)

والرواية الاخرى (ان الله انكحني في السماء) مثل سابقتها بالمعنى إذ هو في جهة العلو سبحانه علو ذات وعلو صفات، ثم أورد حديث ابي هريرة وفيه (ان الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه ان رحمتي سبقت غضبي) فهنا ظرفان مختصان بالمكان وقد اضيفا إلى الله تعالى فلا بد ان هذه الاضافة تقتضي تخصيصاً للعرش على غيره من السموات والارض وقد تكلف في هذا الحديث تأويلاً له ما ليس لنا به حاجة إذا آمنا أنه على الحقيقة وأوكلنا علم كيفيته إلى الله (٤)


(١) التوحيد ١/ ٢٣٨
(٢) شرح كتاب التوحيد للغنيمان ١/ ٣٨٤
(٣) شرح كتاب التوحيد لابن عثيمين ص ١٠٩
(٤) انظر مانقله الحافظ رحمه الله عن الخطابي في الفتح ١٣/ ٤٢٤ وتكلف التأويل هناك

<<  <   >  >>