للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن يتوهم في كيفية السجود أو مكأنه فانما يقع في المحذور الذي يقع فيه كل من قاس بمقاييس البشر وصفات البشر ثم أورد أثر زيد بن ثابت رضي الله عنه في جمع القرآن قال فتتبعت القرآن حتى وجدت آخر سورة التوبة مع ابي خزيمة الانصاري رضي الله عنه لم أجدها مع أحد غيره {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} حتى آخر براءة] وأورد البخاري لموضع الشاهد من آخر الآيات وهو قوله {فإن تولوا فقل حسبي الله لا اله إلاّ هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم} قال الحافظ: وصف العرش ان له رباً فهو مربوب وكل مربوب مخلوق (١) وانما عني بوصفه - جل ثناؤه أنه رب العرش العظيم - الخبر عن جميع ما دونه انهم عبيده وفي ملكه وسلطأنه لأان العرش العظيم انما يكون للملوك فوصف نفسه أنه ذو العرش دون سائر خلقه وأنه المالك العظيم دون غيره وأن من دونه في سلطأنه وملكه جار عليه حكمه وقضاؤه (٢)

وهكذا رحمه الله يورد حديث ابن عباس في هديه - صلى الله عليه وسلم - في دعاء الكرب وفيه (رب العرش العظيم ورب العرش الكريم) قال الكرماني " وصف العرش بالعظمة هو من جهة الكمية وبالكرم أي الحسن من جهة الكيفية فهو ممدوح ذاتاً وصفة وخص بالذكر لأنه أعظم أجسام العالم فيدخل الجميع تحته دخول الأدنى تحت الأعلى (٣)

ثم يورد وصف العرش بان له قوائم بحديث ابي سعيد الخدري " فإذا انا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش " فتبين أن البخاري رحمه الله وافق السلف الصالح في اثبات العرش وان الله استوى عليه وأن العرش فوق جميع المخلوقات وله حملة وله قوائم وهو سقف الفردوس وأنه


(١) الفتح ١٣/ ٤٢٥
(٢) تفسير الطبري ١١/ ٧٨
(٣) شرح الكرماني للبخاري ٢١/ ١٤٩

<<  <   >  >>