للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أول المخلوقات المعلومة لنا إذ هو على الماء قبل ان يخلق السموات والارض خلافاً لما قالته الجهمية ومن تبعهم.

وقد اطلنا الكلام هنا لاطالة البخاري في بيان عظمة العرش الذي أورد في أوله أنه سبحانه استوى عليه استواء يليق بجلاله كما ذكر في كتابه خلق افعال العباد وقال: حدثت عن يزيد بن هارون (١) قال: من زعم ان الرحمن على العرش استوى على خلاف ما يقر في قلوب العامه فهو جهمي " (٢) فالاستواء لم يظهر إنكاره إلاّ في أوائل القرن الثاني كما قدمنا على يد الجعد بن درهم ثم تبعه من اوله حتى لا يشابه به المخلوقين فقال استولى على العرش بدلاً من استوى. ولهذا أورد البخاري قول التابعي الجليل ابو العالية (٣): استوى ارتفع وقول مجاهد استوى علا. والاستواء له عدة معانٍ فهو إما مطلق أو مقيد:

فالمطلق: مالم يوصل معناه بحرف مثل قوله {ولما بلغ اشده واستوى} القصص ١٤ فهذا معناه كمل وتم كقولنا استوى الطعام وأما المقيد: فثلاثة اضرب

الأول: إما مقيد (بإلى) كقوله تعالى {ثم استوى إلى السماء} فصلت ١١، واستوى فلان على السطح وإلى الغرفة وقد ذكر سبحانه هذا المعدى بإلى في موضعين في سورة البقرة في قوله تعالى {هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعاً ثم استوى إلى السماء} البقرة ٢٩.


(١) يزيد بن هارون السُّلمي من حفاظ الحديث الثقات - قال المأمون: لولا مكانة يزيد لأظهرت أن القرآن مخلوق، (ت ٢٠٦ هـ) الأعلام (٨/ ١٩٠).
(٢) خلق افعال العباد ص ١٢٧ ضمن مجموعة عقائد السلف
(٣) رفيع بن مهران، الإمام الحافظ المفسر الرياحي أحد الأعلام أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم وهو شاب ثم أسلم في خلافة أبي بكر سمع من عمر وعلي وابوذر وعائشة وحفظ القرآن على أُبي بن كعب، وهو أعلم الناس بالقرآن بعد الصحابة، (ت ٩٣ هـ) سير أعلام النبلاء (٤/ ٢٠٧).

<<  <   >  >>