عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم في الليالي المقمرة وقلَّ اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة، إلا أني كرهت تطويل الكتاب.
ثم واصل -رحمه الله- الترحال في طلب الحديث ولقاء العلماء، وكانت البصرة أول مستقر له حيث مكث فيها خمس سنين يصنف ويحصل ويحج في كل سنة ثم يرجع إلى البصرة.
قال رحمه الله: دخلت الشام ومصر والجزيرة مرتين والبصرة أربع مرات، وأقمت بالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت الكوفة وبغداد مع المحدثين.
قال الحاكم (١): أول ما ورد البخاري نيسابور سنة تسع ومائتين (٢٠٩ هـ)، ووردها في الأخير سنة خمسين ومائتين (٢٥٠ هـ) أقام بها خمس سنين يحدث على الدوام.
وقال البخاري - رحمه الله- ما جلست للحديث حتى عرفت الصحيح من السقيم وحتى نظرت في عامة كتب الرأي وحتى دخلت البصرة خمس مرات أو نحوها، فما تركت بها حديثاً صحيحاً إلا كتبته إلاّ ما لم يظهر لي.
ومازال على هذه السيرة يجمع ويصنف فمن الغرب حيث الأخذ عن علماء مصر إلى المشرق حيث (مرو) وبلخ وهراة ونيسابور والري وجبال خرا سان مروراً بالحرمين والجزيرة والشام والكوفة والبصرة وبغداد، أما بخارى وسمرقند وطشقند فهي موطنه.
قال الحاكم: " فقد رحل البخاري إلى هذه البلاد المذكورة في طلب العلم وأقام في كل مدينة على مشايخها قال: وإنما سَمّيت من كل ناحية جماعة من المتقدمين ليستدل به على عالي إسناده حتى حق له أن يقول: كتبت عن ألف شيخ من العلماء وزيادة، وليس عندي حديث إلاّ أذكر إسناده.
(١) الحاكم: محمد بن محمد أبو أحمد النيسابوري، محدِّث خراسان في عصره (ت ٣٧٨)، الأعلام (٧/ ٢٤٤).