ويريد ابن كلاب ومن وافقه إن الحروف والأصوات حكاية عن كلام الله خلقها الله لتدل على ذلك المعنى القائم بذاته تعالى وهو أربعة معان: الأمر والنهي والخبر والإستخبار إن عبر عنه بالعربية كان قرآناً وان عبر عنه بالعبرية كان توراة، واصل كلامه قائم على نفيه للصفات الاختيارية هروباً من القول بحلول الحوادث.
قال الإمام أبو الحسن الأشعري مفصلاً مذهبه: قال عبد الله بن كلاب إن الله لم يزل متكلماً، وان كلام الله سبحانه صفة له قائمة به وأنه قديم بكلامه وان كلامه قائم به كما إن العلم قائم به والقدرة قائمة به وهو قديم بعلمه وقدرته وان الكلام ليس بحروف ولا صوت ولا ينقسم ولا يتجزأ ولا يتبعض وأنه معنى واحد بالله عز وجل وان الرسم هو الحروف المتغايرة، وقال ابن كلاب: إن معنى قوله تعالى {فأجره حتى يسمع كلام الله} التوبة ٦ معناه: حتى يفهم كلام الله، قال الأشعري:(ويحتمل على مذهبه أن يكون معناه حتى يسمع التالين يتلونه)(١)
وأما السلف فهم يؤمنون أن الكلام صفة قائمة به سبحانه غير بائنة عنه، لا ابتداء لاتصافه بها ولا انتهاء يتكلم بها بمشيئته واختياره ولا يشبه كلام المخلوقين وكلامه احسن الكلام ويكلم به من شاء من خلقه: من ملائكته ورسله وسائر عباده بواسطة إن شاء أو بغيرها، ويسمعه على الحقيقة من شاء من ملائكته ورسله ويسمعه عباده في الدار الآخرة بصوت نفسه كما أنه كلم موسى بصوت، وكما أن كلامه لا يشبه كلام المخلوقين فان صوته لا يشبه أصواتهم وكلماته لا حصر ولا نهاية لها، وكلامه ينقسم ويتبعض ويتجزأ فالقرآن من كلامه والإنجيل من كلامه والقرآن غير التوراة والإنجيل والفاتحة بعض القرآن وآية الكرسي بعض