سواه وليس بوسع المخلوق أن يخلق فعله - وهنا تنبيه - وهو أننا إذ قلنا إن الله خالق أفعال العباد فليس معنى هذا أنه يجوز أن يتصف بها أو تعود أحكامها إليه، لكنها تعود للإنسان الذي فعلها وقامت به وصارت فعلاً له، لان من لم يفرق بين فعل الله حقيقة وفعل العبد حقيقة يلزمه أحد محذورين.
الأول: أن يصف الله بأفعال عباده ومعلوم ما فيها من ظلم وكذب.
الثاني: أن ينفي عن الله ما أثبته لنفسه من أنه خالق كل شيء.
وهذان أمران عظيمان فالله لا يوصف بشيء من مخلوقاته بل صفاته قائمة بذاته
وقد أكثر البخاري رحمه الله من الاستدلال أن أهل العلم يفرقون بين الخلق والمخلوق، فقد تدرج رحمه الله في هذه المسألة فقال (باب ما جاء في قوله {إن رحمة الله قريب من المحسنين} الأعراف ٥٦، فبين أن الرحمة صفة ذات له كقوله تعالى {وربك الغني ذو الرحمة} ١٣٢ الأنعام؛ وتكون مفعولاً له مخلوقاً ثم أورد حديث في بعض طرقه (هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده) ومراده بيان أن الرحمة تطلق على المخلوق فتكون مخلوقة لله مفعولاُ له ومثله باب قول الله تعالى {إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا} فاطر ٤١، فاثبت فيه جنس الفعل في قوله {يمسك} وهذا مدخل لطيف على أنه فعال لما يريد ونبه عليه رداً على المعتزلة وغيرهم، وعلق بقوله في خلق أفعال العباد (إلاّ المعتزلة: فإنهم ادعوا أن فعل الله مخلوق وان أفعال العباد غير مخلوقة وهذا خلاف علم المسلمين. (١)