للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال شيخ الإسلام: هذا القول هو في الأصل معروف عمن قاله من القدرية والمعتزلة ونحوهم من أهل الكلام وإنما قاله من قاله من الأشعرية موافقة لهم، ولهذا قال أبو جعفر السمناني: القول بإيجاب النظر بقية بقيت في المذهب من أقوال المعتزلة وهؤلاء الموجبون للنظر يبينون ذلك على أنه لا يمكن حصول المعرفة الواجبة إلا بالنظر لا سيما القدرية منهم فإنهم يمنعون أن يثاب العباد على ما يخلق فيهم من العلوم الضرورية وليس إيجاب النظر على الناس هو قول الأشعرية كلهم بل هم متنازعون في ذلك. (١)

قال الغزالي رحمه الله" أسرفت طائفة فكفروا عوام المسلمين وزعموا أن من لم يعرف العقائد الشرعية بالأدلة التي حرروها فهو كافر فضيقوا رحمة الله الواسعة وجعلوا الجنة مختصة بشرذمة يسيرة من المتكلمين. (٢)

وفي حديث الباب وحسن إيراد البخاري له - رحمة الله - الدليل على أن أول الواجبات التوحيد. فقوله - صلى الله عليه وسلم -[أول ما تدعوهم إليه إلى أن يوحدوا الله] بينتها الرواية الثانية (فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ألا إله إلا الله) وقوله (فإذا عرفوا ذلك) ليس فيه دليل لمن يوجب المعرفة أولاً بل الفعل متعلق بالدعوة، أي إذا عرفوا ما تدعوهم إليه فأخبرهم. . . الحديث.

وهذا يعرف من حال الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي هداه الله تبارك وتعالى بنص الوحي فقال: {وكذلك أوحينا إليك روحنا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور} الشورى ٥٢ - ٥٣.


(١) درء تعارض العقل والنقل ٧/ ٤٠٧.
(٢) فتح الباري لابن حجر (١٣/ ٣٦٢).

<<  <   >  >>