للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأولى: قول بعضهم إن أول واجب الشك إذ هو اللازم عند وجوب النظر والقصد إلى النظر وإليه أشار الإمام الجو يني بقوله " ركبت البحر الأعظم وغصت في كل شيء نهى عنه أهل العلم في طلب الحق فرار من التقليد والآن فقد رجعت واعتقدت مذهب السلف.

ثانيهما: قول جماعة منهم أن من لم يعرف الله بالطرق التي رتبوها والأبحاث التي حرروها لم يصح إيمانه حتى لقد أُورِدَ على بعضهم: أن هذا يلزم منه تكفير أبيك وأسلافك وجيرانك فقال: لا تشنِّع علي بكثرة أهل النار. (١)

فلماذا ليس النظر ولا القصد إلى النظر؟ الصحيح أن القرآن يعرض النظر ولكن لمن يحتاج إليه، أمّا النظر المنهي عنه هو النظر المؤسس على الآراء الفلسفية كالجوهر والعرض وغيرها، قال شيخ الإسلام: ولما كان الكلام في هذه الأبواب المبتدعة مأخوذاً في الأصل عن المعتزلة والجهمية ونحوهم وقد تكلم هؤلاء في أول الواجبات هل هو النظر أو القصد أو الشك أو المعرفة؛ صار كثير من المنتسبين للسنة يوافقونهم على ذلك. (٢) فتبين أن هذه المقالة من موروثات بدع الجهم التي تقاسمتها الفرق بعده وصدق فيهم قول ابن القيم رحمه الله في نونيته:

ولذا تقاسمت الطوائف قوله ... وتوارثوه إرث ذي السهمان

لم ينج من أقواله طرفاً سوى ... أهل الحديث وشيعة القرآن. (٣)

وممن صرح بأنها من قول الجهم الإمام السُجزي (٤) في رسالته في الحرف والصوت فقال "وهو من أفظع الأقاويل وهو قول الجهم". (٥)


(١) فتح الباري ١٣/ ٦٢، ٣٦٣
(٢) درء تعارض العقل والنقل ٨/ ٣، ٤.
(٣) النونية ١/ ٤٨ شرح هرّاس.
(٤) عبدالله بن سعيد بن حاتم السجزي، من حفاظ الحديث له (الإبانة عن أصول الدِّيانة) وغيرها. (ت ٤٤٤ هـ) الأعلام (٤/ ١٩٤).
(٥) رسالة في الحرف والصوت للسجزي صـ ١٩٨.

<<  <   >  >>