للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة القائلين باشتراط الولي في صحة عقد النكاح

وقد استدل أصحاب هذا القول بعدة أدلة، نذكر منها ما يلي: ـ

أولاً: من القرآن

استدل أصحاب هذا القول، بالنصوص الآمرة للرجال بتزويج النساء، أو الناهية عن تزويجهم لهن، فمن ذلك:

١) قوله تعالى: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)} (١)

٢) وقوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُوا الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (٢) فالخطاب في هاتين الآيتين موجه للأولياء كما نرى، فدل على أن أمر التزويج لهم دون النساء، قال ابن تيمية: فإنه قد دل عليه القرأن في غير موضع، والسنة في غير موضع، وهو عادة الصحابة، إنما كان يزوج النساءَ الرجال، لا يعرف أن امرأة تزوج نفسها، وهو مما يُفرق به بين النكاح، ومتخذات أخدان. (٣) كما استدلوا أيضاً

٣) بقوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (٤) ووجه الاستدلال بالآية، أن الله خاطب الأولياء ناهياً لهم عن أن يمنعوا مولياتهم عن التزويج من أزواجهن الذين طلقوهن، وقد انقضت عدتهن، إذا عادوا خاطبين لهن، وتراضوا فيما بينهم، وهذا النهي دليل على أن أمر التزويج للأولياء، وإلا لما صح توجيه الخطاب لهم، يحقق هذا التوجيه ما ورد في صحيح البخاري وغيره، في أن هذه الآية نزلت في معقل ابن يسار، عندما منع أخته من الرجوع إلى زوجها، بعد طلاقه إياها وخروجها من عدتها، ثم عاد إليها خاطباً، وعند رفضه زواجها منه قائلاً: زوجتك وفرشتك، وأكرمتك, فطلقتها ثم جئت تخطبها، لا والله لا تعود إليك أبدا، فأنزل الله هذه الآية،


(١) سورة النور الآية ٣٢.
(٢) سورة البقرة الآية ٢٢١.
(٣) مجموع الفتاوى ٣٢/ ١٣١.
(٤) سورة البقرة الآية ٢٣٢.

<<  <   >  >>