للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بغير ولي، وأن كان قد روي عنها غير ذلك، في أنها زوجت بنت أخيها حفصة، من المنذر ابن الزبير، فإن ذلك ليس صريحاً في أنها تولت هي عقد النكاح، بينهما (١)، كما سيأتي.

وقد ذهب إلى اشتراط الولي، علي وعمر وابن عباس، وابن عمر وبن مسعود، وأبو هريرة، وعائشة والحسن البصري، وابن المسيب وابن شبرمة، وابن أبي ليلى، والعترة, وأحمد وإسحاق، والشافعي وجمهور أهل العلم، بل قال ابن المنذر: إنه لا يُعرف عن أحد من الصحابة خلاف ذلك. (٢) وعبر الماوردي عن ذلك بقوله: وهذا منتشر في الصحابة لا يعرف له مخالف. (٣)

ثالثاً: من المعقول

لأصحاب هذا القول أيضاً أدلة من جهة النظر، نوجزها فيما يلي:

١) أن المرأة ناقصة في عقلها، بنقصان الأنوثة فلا تملك مباشرة عقد النكاح لنفسها، لأنه عقد عظيم، وخطره كبير، ومقاصده شريفة، ولهذا أظهر الشارع خطره باشتراط الشاهدين فيه، من بين سائر المعاوضات، فلإظهار خطره تجعل مباشرته مفوضة إلى أولي الرأي الكامل، من الرجال, والدليل على اعتبار نقصان عقلها [من جهة النظر] أنه لم يجعل إليها من جانب رفع العقد شيء، بل الزوج هو الذي يستبد بالطلاق. (٤)

٢) إن الشارع جعل للمرأة مطالبة وليها بالزواج، في حالة وجود الكفء، ولو كانت تملك مباشرة العقد بنفسها، لما جعل لها مطالبة الولي بذلك، ثم إنه جعل للأولياء حق الاعتراض في إنكاحها نفسها، من غير كفء ولو كانت لها ولايةً مباشرة لنفسها، لما كان لأوليائها حق الاعتراض كالرجال. (٥)

٣) يمكن أن يقال أيضاً أن المرأة مائلة بالطبع إلى الرجال، أكثر من ميلها إلى تبذير الأموال، فاحتاط الشارع بأن جعلها محجورة في هذا المعنى على التأبيد. (٦)


(١) انظر مثلاً فتح الباري ١٠/ ٢٣٣.
(٢) انظر المجموع للإمام النووي ١٧/ ٢٤٣ وما بعدها.
(٣) الحاوي ٩/ ١٥٠.
(٤) انظر المهذب، باب ما يصح به النكاح ٤/ ١١٨ بتصرف، وانظر الكافي ٣/ ١٠، وانظر المبسوط م ٣ /ج ٥ صـ ١١
(٥) انظر المبسوط م ٣ /ج ٥ صـ ١١
(٦) انظر بداية المجتهد ونهاية المقتصد ٣/ ٢٦.

<<  <   >  >>