للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المناقشة والترجيح

بعد هذا العرض الموجز لأقوال أهل العلم وأدلتهم، يمكن أن يتلخص ما يلي: ـ

إن جماهير أهل العلم يقولون باشتراط الولي لصحة عقد النكاح، وأن العقد لا يصح بدونه، وأن الأحناف يقولون أن الولي ليس شرطاً في صحة عقد النكاح، وإنما مندوب إليه، وأن العقد بدونه صحيح.

ولكن الفاحص يجد أن قول الجماهير هو الراجح، لقوة أدلتهم وتصريحها في موضع الخلاف على مرادهم.

فمن الكتاب

قول الله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (١) قال ابن حجر رحمه الله تعالى: هي أصرح دليل على اعتبار الولي وإلا لما كان لعضله معنى (٢) وليس الأمر كما قال الأحناف، إن النهي عن العضل موجه للأزواج، وما أحسن ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله تعالى وهو يؤكد أن النهي في الآية موجه للأولياء، لا الأزواج، فقال رحمه الله: ولا أعلم الآية تحتمل غيره لأنه إنما يؤمر بأن لا يعضل المرأة من له سبب إلى العضل، بأن يتم به نكاحها من الأولياء، والزوج إذا طلقها فانقضت عدتها فليس بسبيل منها، فيعضلها، وإن لم تنقض عدتها فقد يحرم عليها أن تنكح غيره، وهو لا يعضلها عن نفسه، وهذا أبين ما في القرآن من أن للولي مع المرأة في نفسها حقاً، وأن على الولي أن لا يعضلها إذا رضيت أن تنكح بالمعروف (٣). ثم إنه يزيد هذا التوجيه قوةً، سبب نزول الآية، وهو أن معقل ابن يسار كان قد زوج أختاً له ابن عم له، فطلقها ثم أراد الزوج وأرادت النكاح فأبى معقل، فنزلت الآية. (٤)


(١) سورة البقرة الآية ٢٣٢.
(٢) فتح الباري ١٠/ ٢٣٥.
(٣) الأم ٥/ ٢١.
(٤) سبق تخريجه صـ ١٣٦

<<  <   >  >>