للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن السنة

فالأحاديث مصرحة باشتراط الولي، كشرط صحة، فمنها: حديث أبي موسى - رضي الله عنه - والذي فيه " لا نكاح إلا بولي" (١) وهو يفيد انتفاء النكاح الشرعي عند فقد الولي، وهذا هو معنى الشرط، وحديث عائشة رضي الله عنها يقرر بطلان النكاح بدون ولي بقوله - صلى الله عليه وسلم - " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل، ثلاثاً" (٢) والباطل لا تترتب عليه آثار الصحيح. وأما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فإنه ينهى المرأة صراحة أن تزوج نفسها، أو أن تتولى العقد لغيرها، إذ جاء فيه " لا تزوج المرأةُ المرأةَ، ولا تزوج المرأةُ نفسها" (٣) ثم يقرر هذا الفهم بقوله: " فإن البغية التي تزوج نفسها". هذه الأحاديث وغيرها من الآثار، التي رويت عن الصحابة، كافية في إثبات الحكم باشتراط الولي، مما يضعف قول من قال بضعف الأحاديث في ذلك وأن ما صح منها محتملاً، ولو كانت الولاية واجبةً، لتواترت الأخبار بوجوبها، ولبينت الأولى بالتزويج وصفات الولي. (٤) على أنه قد نُقل تواتر أحاديث الولي (٥).

كما لا يصح منهم تضعيف تلك الأحاديث، فقد صححها أهل الحديث، كما مر معنا، فلا نطيل بتفصيلها هنا، لكنَّ أهم ما تكلموا عليه هو حديث عائشة رضي الله عنها، في أن مداره على الزهري، وقد سأله ابن جريج عنه فأنكره الزهري، وأنه كان يجوز النكاح بغير ولي، وهو من روى لنا حديث اشتراط الولي, فيكون ذلك دليلاً على وهن وضعف الحديث، هذا الاعتراض مدفوع من عدة أوجه: ـ

١) إن حكاية إنكار الزهري لهذا الحديث عند سؤاله من ابن جريج، ضعيفة، فإنه لم يروها عن ابن جريج إلا ابن عليه، قال يحيى ابن معين: لم يذكر هذا عن ابن جريج غير ابن علية، وضعَّف رواية ابن علية عن ابن جريج، وقال: سماع ابن عليه من ابن جريج ليس بذاك؛ وقد أعل ابن حبان، وابن عدي وابن عبد البر والحاكم وغيرهم هذه الحكاية عن بن جريج، وأجابوا على تقدير الصحة، بأنه لا يلزم من نسيان الزهري له، أن يكون سليمان بن


(١) سبق تخريجه صـ ٤٧
(٢) سبق تخريجه صـ ٤٨
(٣) سبق تخريجه صـ ٤٨
(٤) القائل بذلك هو ابن رشد الحفيد رحمه الله تعالى في كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد ٣/ ٢٦.
(٥) انظر نظم المتناثر من الحديث المتواتر ١/ ١٥٧ وما بعدها، لأبي الفيض جعفر الحسني الأدريسي الشهير بالكتاني، ط، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، تأريخ الطبع ١٤٠٣ هـ ١٩٨٣ م.

<<  <   >  >>