للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قال قائل: إنَّه لم يفعل ذلك إلا ليستجلب مزيدًا من الأتباع بنسبة هذا الكلام للرب، ويستدعي لنفسه طاعة وسلطانًا.

فنقول: هذا الكلام فاسد من جهتين:

[الجهة الأولى]

أنَّ محمدًا قد صدر عنه الكلام الذي نسبه لنفسه، والكلام الذي نسبه لربه، وأوجب القرآن على الناس طاعة محمد ، وجعل طاعته من طاعة الله تعالى، فهلَّا جعل كل أقواله من كلام الله كما يقول هذا القائل.

[الجهة الثانية]

أنَّ هذا الكلام مبني على افتراض باطل، هو: أن يكون محمد قد سوَّغ لنفسه أن يصل إلى مقصده، ولو بالكذب والتمويه.

وهذا باطل؛ لأن سيرةَ محمد ، وأحوالَه تأبى ذلك.

فإنَّ صفاته وشمائله قبل النبوة وبعدها، تأبى أن يكون كاذبًا، فقد كان أعداؤه قبل أصحابه يشهدون له بالصدق، والأمانة، ولم يقل أحد منهم قط: إنَّه كاذب.

الحجة الثانية: أُمِّيةُ النَّبي -.

لم يكن النَّبي ممن يرجع بنفسه لكتب العلم، ودواوينه، ومن المتَّفق عليه؛ أنَّه لم يكن يمارس القراءة والكتابة قبل بعثته.

ولا يمكن أن يكون القرآن من استنباط النَّبي بالذكاء الفطري الذي كان يتمتع به؛ لأنَّ القرآن قد احتوى على ما لا يمكن أن يستنبط بالعقل ولا بالتفكير،

<<  <   >  >>