وهذه الآلات نفسها هي التي تشهد عليه يوم القيامة، فتأمل هذا الحوار الذي أخبرنا الله عنه، بعد أن يختم الله على لسان العبد، ثم يأمر الجوارح فتتكلم، فيشهد على العبد ما لا يمكن أن يستتر عنه فقالوا:
﴿لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم﴾ [فصلت: ٢١ - ٢٢]،
لكن المصيبة حقًّا هي الغفلة عن نظر الذي لا تخفى عليه خافية،
﴿ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين﴾ [فصلت: ٢٢ - ٢٤]!
فاللهم استرنا!
(٢) من استعْمَلَه الله تعالى لدعوةِ الناس، والأَخذ بأيديهم إلى طريق الله= فإنه على خير عظيم، امتدحه الله، وأثنى على أهله،
﴿ومن أحسن قولًا ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا، وقال إنني من المسلمين﴾ [فصلت: ٣٣].
فلله درهم كم من عاصٍ تاب بسببهم، وكم من ضالٍ رجع بجميل خطابهم، هم الأَدِلَّاءُ على الله، وقد حازوا شرف التبليغ عن رسول الله.
والرجل منهم، إن وقف على ما يحسن، ولم يتكلم إلا فيما يتقن، فقد فاز والله بخيري الدنيا والآخرة.
وكثيرٌ من العلماء والأئمة هداهم الله وسلك بهم طريق العلم بسبب داعية موفق، فكان العالم وما عمل في ميزان هذا الداعية.