للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَفِى الْمَوَطَّأِ: يُطْعِمُ حَيْثُ أَحَبَّ كَالصِّيَامِ) ليس فيه بيان على أى وجه يخرج. ولذلك جعل الباجى قول أصبغ ومحمد وابن وهب مفرعاً عليه.

قوله: (وَفِيهَا: قَالَ مَالِكٌ: أَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَيُطْعِمُ بِمِصْرَ؛ إِنْكَاراً) فسره ابن القاسم فى المدونة بأنه يريد: فإن فع لم يجزأه, ثم كلام الباجى واللخمى وغيرهما يقتضى أنه مطلوب مطلوب أولاً بأن يخرج بمحل [٢١٦/ب] التقويم, فإن أخرج بغيره فالخلاف, وكلام المصنف لا ؤخذ منه ذلك؛ لإيهامه أن الخلاف ابتداء, لكن قوله: (وَيُجْزِئُ حَيْثُ شَاءَ .... وَيُجْزِئُ إِنْ تَسَاوَى السِّعْرَانِ) بين أن كلامه إنما هو فى الإجزاء. وتحصيل المسألة أن يطلب ابتداءً أن يخرج بمحل التقويم, فإن أخرجه فى غيره فمذهب المدونة عدم الإجزاء, ومذهب الموطأ الإجزاء, وعليه فثلاثة أقوال كما تقدم.

ابن عبد السلام: واختلف الشيوخ فى كلام ابن المواز فمنهم من جعله تفسير للمدونة, ومنهم من جعله خلافاً, وهو الذى اعتمده المصنف.

وَالصِّيَامُ عَدْلُ الطَّعَامِ؛ لِكُلِ مُدٍّ أَوْ كَسْرِهِ يَوْمٌ, وَلا يُخْرِجُ مِثْلاً وَلا طَعَاماً وَلا صِيَاماً إِلا بِحَكَمَيْنِ عَدْلَيْنِ فَقِيهَيْنِ بِذَلِك دُونَ غَيْرِهِ, يُخَيِّرَانِهِ فِيمَا شَاءَ مِنْ ذَلِكَ فَيَحْكُمَانِ عَلَيْهِ بِاجْتِهَادِهِمَا لا بِمَا رُوِىَ ...

الأصل فيه الآية المتقدمة.

قوله: (فَقِيهَيْنِ بِذَلِك) أى: لا يشترط أن يكونا فقيهين على الإطلاق؛ إذ كل من ولى أمراً فإنما يشترط فيه العلم بذلك وما يطرأ عليه.

وقوله: (دُونَ غَيْرِهِ) أى ليس هو أحدهما لقوله تعالى: (يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ (والإنسان لا يحكم لنفسه. وفى الموطأ أن رجلاً جاء إلى عمر ابن الخطاب رضى الله عنه فقال: إنى أجريت أنا وصاحب لى فرسين نستبق إلى ثُغْرَةِ ثَنِيَّةٍ فأصبنا ظبياً ونحن محرمان فماذا ترى؟ فقال عمر لرجل إلى جنبه: تعالى حتى أحكم أنا وأنت. قال: فحكمنا عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>