لم يجزأه الصوم إذا أيسر قبل أن يصوم؛ لأن الله سبحانه إنما شرعه لغير الواجد, لقوله تعالى: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَام (وإذا وجد مسلفاً وهو ملي ببلده, فلا عذر له فى ترك السلف. ابن المواز: فإن لم يجد من يسلفه فليصم ثلاثة أيام فى الحج ولا يؤخر الصيام ليهدى ببلده, فإن صام أجزأه. فإن قيل: وَلِمَ لا يؤخرها كما لو حنث فى يمين فإنه لا يصوم إذا كان غنياً ببلده؟ قيل: لأن وجوب الكفارة على التراخى ووجوب الهدى ليس كذلك, ألا ترى أن القادر عليه فى الحال لا يؤخره بخلاف الكفارة, ولا يؤخذ من هذه المسئلة –وهى مسألة المدونة- جواز السلف على أن يقبض ببلد آخر؛ لأن هذه لم يشترط فيها ذلك, والمنع إنما هو للشرط, وهَبْهُ مفهوماً من قرينة الحال, لكن عقود المعروف يفتقر فيها مثل ذلك, قاله ابن عبد السلام.
أى: فلو شرع قبل اليسر ثم أيسر, وفى معناه حصول السلف أجزاه الصيام, ولم يلزمه الهدى؛ لأنه دخل فيه بوجه جائز, ويستحب له أن يهدى إن كان بعد يومين؛ ليرجع إلى الأصل, وما ذكره المصنف هو فى المدونة كذلك, وحدد باليومين؛ لأن الثلاثة جمع فهو كثير, ولأن الله تعالى جعلها أحد قسمى العشرة فكانت كالنصف. فإن قيل: يلزم عليه أن يستحب قطع الصلاة إذا طرأ عليه الماء بعد أن دخل فيها بالتيمم. فالجواب: أن المصلى لو أمرناه بالانتقال إلى الأصل لزم إبطال ما مضى [٢١٨/أ] من صلاته, بخلاف الصوم, فإنه يحصل له أجر اليومين المتقدمين. وروى ابن عبد الحكم عن مالك فى مسألة الهدى أنه مخير إذا دخل فى الصوم بين التمادى عليه وبين القطع.