قال في البيان: وقوله: إن قال هذا الماء لكم، لم ينتقض إلا تيمم الذي أسلم إليه وحده. إنما يأتي على أحد قوليه المتقَدِّمَيْنِ، يُريد في مسألةِ المصنفِ، وهي قوله:(وَإِنْ أَسْلَمُوهُ اخْتِيَاراً فَقَوْلانِ).
إنما قَيَّدَه بـ (وَقْتِهِ) ليُخْرِجَ ما تَقَدَّمَ في ذِي التأخيرِ وذِي التَّوَسُّطِ إذا قَدَّمَا. قال في المدونة: ويتيممُ المريضُ الذي يَجِدُ الماءَ، ولا يَجِدُ مَن يُناولُه إياه، والخائفُ الذي يَعلم موضعَه ويخاف أَلاَّ يبلغَه. وكذلك الخائفُ مِن سباعٍ أو لصوصٍ في وسطِ وقتِ كلِّ صلاةٍ، ثم إن وَجَدَ الماءَ في الوقتِ أَعَادَ.
فقولُه:(أعاد) يحتمل أن يُريد في الوقتِ، ويحتمل أن يُريد أبداً، فهذا معنى قوله: ويحتمل أبداً. وما رأيتُ من ذَهَبَ إلى أن المدونةَ تحتملُ الإعادةَ أبداً مع ضعفِه مِن جهةِ النَّظَرِ؛ لأن كُلاًّ منهم تيممَ في الوقتِ المأذونِ له فيه.
وقوله:(كالشَّاكِّ، هَلْ يُدْرِكُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِوُجُودِهِ) تحرز مما لو لم يكن عنده عِلْمٌ، فإنه لا إعادةَ عليه؛ لأنه استَنَدَ إلى أصلٍ، وهو العَدَمُ، ولا يُتصور التقصيرُ في جميعِ الصُّوَرِ.
وقوله:(وَالْمُطِّلِعِ عَلَيْهِ بِقُرْبِهِ) يعني: لتقصيرِه في الطَّلَبِ.
وقوله:(وَالْخَائِفِ) أي: مع تَيَقُّنِ الماءِ، ولو لم يتيقَنْه لم يُعِدْ. وعبارةُ المصنفِ قاصرةٌ، قال شيخُنا: وإعادةُ الخائفِ مُشْكِلَةٌ، إِذْ لا يَجوز أن يُغَرِّرَ بِنَفْسِهِ. وعادمُ المناوُلِ إِنْ كان ممن يتكررُ عليه الداخلونَ فليس بمُقَصِّرٍ، وزِيدَ ناسِي الماءِ في رَحْلِه، يُعيدُ في الوقتِ على مذهب المدونة، وعلى هذا فالمعيدون في الوقتِ خمسةٌ على مذهبِ المدونةِ.