وأَوْرَدَ عليه [٣٢/أ] ابنُ راشد أن مسألةَ المطلعِ عليه بقُرْبِه ليستْ في المدونة، وإنما حكاها ابنُ يونس عن ابنِ القاسم، وكلامُ المصنف يُوهِمُ أنها فيها. وقد يُقال: لا دلالة في كلامِ المصنفِ على أن جميعَ المسائلِ في المدونةِ.
أي: وفي إعادة ناسي الماء في رَحْلِه- يُريد ولم يَذَكَرَه إلا بَعْدَ الصلاةِ- ثلاثةُ أقوالٍ:
الأولُ: الإعادةُ أبداً، وهو قول أصبغ ومطرف وابن الماجشون لأنه مُفَرّطٌ، وأيضاً فهو كمظاهِرٍ كَفَّر بالإطعامِ مع نسيانِ الرقبةِ، فإنه لا يُجزئُه.
ابن عطاء الله: وهو الْمَشْهُورِ. وفيه نظر؛ لأنه خلافُ روايةِ ابن القاسمِ في المدونةِ.
والثاني: نفيُ الإعادةِ، رواه ابنُ عبد الحكم عن مالك، زاد: وإن أَعَادَ فحَسَنٌ؛ لأنه معذورٌ بالنسيانِ. والفرقُ بين ناسي الماءِ وناسي الرقبةِ أَنَّ الإعتاقَ غيرُ مؤقتٍ، والصلاةَ مؤقتةٌ، فإن ذَهَبَ الوقتُ فاتَ التَّلافِي.
والثالث: الإعادةُ في الوقتِ مراعاةً للدليلين، وهي روايةُ ابنِ القاسمِ في المدونةِ، قاله ابنُ عطاء الله.
أما لو ذَكَرَه قَبْلَ الدخولِ في الصلاة– بَطَلَ تيممُه اتفاقاً، نقله ابن عطاء الله، قال: وإن ذَكَرَ ذلك في الصلاة– فمَنْ يَقُولُ في المسألةِ المتقدمةِ بالإعادةِ يَقُولُ هنا: يَقْطَعُ. لأن صلاته عنده باطلةٌ، ومَن يَقول بعَدَمِ الإعادةِ يقول هنا بالتَّمادي؛ لأنه عنده كالعَادمِ.
وقال ابن القاسم هنا: يقطع. مع أنه يقول: لو لم يَذْكُرْ حتى فَرَغَ لَصَحَّتْ.
فللمُعترِضِ أن يقولَ: إمّا أن يُغَلَّبَ عليه حُكْمُ العادِمِ فيتمادَى على صلاتِه كما لو طَلَعَ عليه رجلٌ بماءِ، وإما أن يُغَلَّبَ عليه حُكْمُ الوَاجِدِ فينبغي أن تَجِبَ عليه الإعادةُ أبداً إذا ذَكَرَ بَعْدَ الفراغِ مِن الصلاةِ.