وطريقُ الجوابِ عندي أن يُقال: إِنَّ هذا المكَلَّفَ تعارضتْ فيه شائبتان؛ شائبةُ أنه واجِدٌ في نَفْسِ الأَمْرِ، وشائبةُ أنه عادِمٌ في ظَنِّهِ، والمرءُ مكلَّفٌ بما غَلَبَ على ظَنِّهِ، فإن ذَكَرَ قَبْلَ الفراغِ– غُلِّبَتْ عليه شائبةُ الواجِدِ؛ لِشَبَهِه بمَن ذَكَرَ قَبْلَ الشروعِ في الصلاةِ، لاشتراكِهما في عدمِ براءةِ الذمةِ. وإِنْ ذَكَرَ بعدَ أنْ يُسَلِّمَ غُلبت عليه شائبةُ العادمِ، إلا أَنَّا نَسْتَحِبُّ له الإعادةَ في الوقتِ مراعاةً للخلافِ.
فَإِنْ أَضَلّهُ فِي رَحْلِهِ فَأَوْلَى أَلا يُعيد
إنما كان أَوْلَى لعجزِه عنه بَعْدَ الإمعانِ في طلبهِ حتى خشيَ فواتَ الوقتِ.
ابن راشد: والظاهرُ دخولُ الخلافِ في هذه الصورة؛ لأن معه بعضَ تفريطٍ، فيُمكن تخريجُ قولٍ بالإعادةِ فيها من المُطَّلِعِ عليه بِقُرْبِهَ، والله أعلم.
ابن شاس: وظاهرُ روايةِ مطرفِ وابنِ الماجشون وأصبغَ الإعادةُ، يعني أبداً.
فَإنْ أَضَلَّ رَحْلَهُ فَلا إِعَادَةَ
إذا أَضَلَّ رَحْلَهُ بَيْنَ الرِّحَالِ وبَالَغَ في طلبِه– لم يُعِدْ في الوقتِ ولا في غيرِه.
في قولِ ابنِ حبيبٍ نظرٌ، إِذْ الفرضُ أن الصلاة مستوفاةُ الشروطِ والأركانِ، وإنما الخللُ وَقَعَ في بعضِ كمالها، فأُمِرَ باستدراكِها في الوقتِ، فلو أُمِرَ بالإعادةِ أبداً لَلَزِمَ انقلابُ النفلِ فرضاً، وكأَنَّه يَرَى أنه لما أُمِرَ بالإعادةِ وتَرَكَ– صار كالمُخالِفِ لما أُمِرَ به.