الأولُ: الخارجُ مِن السبيلين. والثاني: الخروجُ. والثالثُ: المنعُ الناشئ عن الخارج. واستُشكل عدمُ رفعِ التيممِ للحدثِ بما ذكره. نعم هاهنا معنى رابعٌ يَدَّعِيه كثيرٌ مِن الفقهاءِ، وهو أن الحَدَثَ وَصْفٌ حُكْمِيٌّ يُقَدَّرُ قيامُه بالأعضاء على مقتضى الأوصافِ الحسيةِ، ويُنزلون ذلك منزلةَ الحسيِّ في قيامِه بالأعضاءِ. فمَن يقول: إنه يرفعُ الحدثَ كالوضوءِ [٣٣/ب] والغسلِ، يقول: يُزيل ذلك الأمرَ الحُكْمِيَّ، فيزول ذلك المنعُ المرَتَّبُ على ذلك الأمرِ المقدرِ الحكميِّ. ومَن يقول: إنه لا يرفع الحدث. فذلك المعنى المقدَّرُ القائمُ بالأعضاءِ حكمٌ باقٍ ولم يَزُلْ، والمنعُ المُرَتَّبُ عليه زائلٌ. فبهذا الاعتبارِ يقول: إن التيممَ لا يَرفع الحدثَ. بمعنى أنه لم يُزِلْ ذلك الحكمَ الوصفيَّ المقدَّرَ، وإن كان المنعُ زائلاً.
وحاصلُ هذا أنهم أَبْدَوْا للحَدَثِ معنى رابعاً غير ما ذكرناه مِن الثلاثةِ، وهم مطالَبُون بدليلٍ شرعيٍّ يَدُلُّ على إثباتِ هذا المعنى. انتهى.
قال القرافيُّ: نظائرُ خمسةٌ: التيممُ، والمسحُ على الخفين، والمسحُ على الجبيرة، والمسحُ على شعر الرأسِ، والغسلُ على الأظفارِ، وفي الجميعِ قولانِ للعلماءِ، والمذهبُ في الثلاثة الأُوَلِ عدمُ الرَّفْعِ.
يعني: أن الجُنُبَ إذا تيمم فلابُدَّ أن يَنْوِيَ الجنابةَ، فإن نَسِيَها لَمْ يُجْزِهِ تيممُه على الْمَشْهُورِ، إِذْ ليس لكلِّ امرئٍ إلا ما نوى. وفي سماع ابن وهب: يُعيد في الوقت. وقال ابن مسلمة: لا إعادةَ عليه؛ لأن التيممَ للوضوءِ والغسلِ فَرْضانِ على صِفَةٍ واحدةٍ، فنَابَ أحدُهما عن الآخرِ كالحيضِ عن الجنابةِ. وحكاه في التلقينِ روايةً.
فرع:
إذا تيمم الجنبُ ثم أَحْدَثَ فظاهرُ المذهبِ أنه يتيممُ بِنِيَّةِ الجنابةِ أيضاً، وخَرَّجَ اللخمي أيضاً على قولِ ابن شعبان– أَنَّ له أَنْ يُصيب الحائضَ إذا طهرت بالتيمم-: أن ينويَ الحدثَ الأصغرَ.