فهذا التعريف للإمام الشاطبي - رحمه الله - من أشهر وأحسن التعاريف الواردة في البدعة، وقد قيدها بثلاثة قيود:
أولًا: أنها طريقة في الدين مخترعة: كابتداع صلوات أو ابتداع أدعية وغيرها من العبادات، وخرج بقوله:«طريقة في الدين» ما كانت طريقة في الدنيا كالصناعات الحديثة ونحو ذلك، فهذه ليست بداخلة في هذا الباب.
وقوله:«مخترعة» أي ليس لها أصل في الشريعة الإسلامية كإحداث الموالد والحوليات ونحوها، وخرج بذلك ما كان له أصل في الشرع كجمع القرآن، وتدوين السنة، وإنشاء بعض العلوم كعلمي الحديث والأصول، ونحو ذلك، فهذه لها أصل في الشرع، وأقل ما يقال فيها: إنها من باب المصالح المرسلة، فخرجت عن كونها بدعًا.
ثانيًا: أنها تضاهي الشرعية: أي تماثل الشرع وتحاكيه، فإذا لم تكن تضاهي الشرع فلا تعد بدعة.
ثالثًا: يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله: فلو لم يقصد بها صانعها التعبد فلا تُعدُّ بدعة كالضرائب والمكوس ونحو ذلك، فهذه ليست بدعة، وإن كانت محرمة لما فيها من أكل أموال الناس بالباطل.
فيتقرر مما سبق أن البدعة لا أصل لها في الشرع، وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:«وقد قررنا في قاعدة السنة والبدعة أن البدعة في الدين هي ما لم يشرعه الله ورسوله، وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب ولا استحباب»(١).