للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والصواب في السؤال أن يكون بهذه الصيغة: هل للعبد مشيئة وقدرة أو لا؟

والجواب نجده واضحًا جليًّا في قوله تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: ٢٨، ٢٩]، فنثبت للعبد مشيئةً يختار بها، وقدرة يفعل بها، ومشيئته وقدرته واقعتان بمشيئة الله تابعتان لها فلو كان مخيرًا لَفَعَل كل ما شاءه ولوكان مسيرًا لما كان له قدرة ومشيئة أبدًا.

وبهذا يزول هذا الإشكال، ومن هنا أيضًا يتبين لنا خطأ بعض من يكتب في هذه المسألة ويصدرون كتاباتهم بذلك السؤال: هل الإنسان مسير أو مخير؟

• أخطاءٌ في باب القدر:

هناك أخطاء يقع فيها بعض الناس في باب القدر، ومن هذه الأخطاء ما يلي:

١ - الاحتجاج بالقدر على المعايب والمعاصي: فبعض الناس إذا قيل له مثلًا: لم لا تصلي؟ فيقول: ما أراد الله أن أصلي، وهذا احتجاج باهت باطل، فإن الله قد جعل للعبد قدرة ومشيئة.

٢ - قول بعض الناس: إن الله على ما يشاء قدير، وهذا القول فيه إيهام، والأوْلى أن يقال: (إن الله على كل شيء قدير) لعموم قدرته عز وجل لما شاءه وما لم يشأه، أشار إلى ذلك العلامة عبد الرحمن بن حسن، والعلامة محمد بن إبراهيم رحمهما الله تعالى.

وأما قوله تعالى: {وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ} [الشورى: ٢٩]، فالقيد بـ (إذا يشاء) ليس متعلقًا بالقدرة وإنما يعود إلى الجمع في قوله جمعهم، والله سبحانه وتعالى إذا وصف نفسه بالقدرة لم يقيد ذلك بالمشيئة كما في قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: ١٠٦].

<<  <   >  >>