للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

............... ... وقُلْ في عَذابِ القَبْرِ حَقٌّ مُوَضَّحُ



•قوله: «وقُلْ في عَذابِ القَبْرِ حَقٌّ مُوَضَّحُ» أي: قل بلسانك واعتقد بجنانك أن عذاب القبر حق لا ريب فيه ولا شك.
وسبق الكلام عن عذاب القبر في شرح اللامية، ونضيف هنا بعض المسائل التي لم تذكر هناك.

• عذاب القبر ونعيمه يلحق مَنْ قُبِر ومنْ لم يقبر:
عذاب القبر ونعيمه ينالان كل من مات، ولو لم يدفن؛ فهو اسم لعذاب البرزخ ونعيمه، وهو ما بين الدنيا والآخرة، قال تعالى: {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: ١٠٠]، وسمي عذاب القبر باعتبار غالب الخلق؛ فالمصلوب والمحرق والمغرق وأكيل السباع والطيور له من عذاب البرزخ ونعيمه قِسْطُه الذى تقتضيه أعماله، وإن تنوعت أسباب النعيم والعذاب وكيفياتهما.
فحتى لو علق الميت على رؤوس الأشجار في مهاب الرياح لأصاب جسدَه من عذاب البرزخ حظُّه ونصيبه، ولو دفن الرجل الصالح في أتون من النار لأصاب جسدَه من نعيم البرزخ ورَوْحه نصيبُه وحظه فيجعل الله النار على هذا بردًا وسلامًا والهواء على ذلك نارًا وسمومًا.
فغير ممتنع أن ترد الروح إلى المصلوب والغريق والمحرق ونحن لا نشعر بها؛ لأن ذلك الرد نوع آخر غير المعهود؛ فهذا المغمى عليه والسكير والمبهوت أحياء وأرواحهم معهم ولا تشعر بحياتهم، ومن تفرقت أجزاؤه لا يمتنع على من هو على كل شيء قدير أن يجعل للروح اتصالًا بتلك الأجزاء على تباعد ما بينها وقربه، ويكون في تلك الأجزاء شعور بنوع من الألم أو اللذة (١).

<<  <   >  >>