للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلى النَّهْرِ فِي الفِرْدَوْسِ تَحْيَا بِمَائِهِ ... كَحِبِّ حَمِيلِ السَّيْلِ إذْ جَاءَ يَطْفَحُ



وجه الرد عليهم: أن ما دون الشرك تحت المشيئة، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه، وهذا لا يكون في حق الكفار، بل هو في حق عصاة المؤمنين.
•قوله: «عَلى النَّهْرِ فِي الفِرْدَوْسِ تَحْيَا بِمَائِهِ» أي: العصاة يعذبون على قدر معاصيهم وذنوبهم إلى أن يصيروا فحمًا وحممًا، ثم هذه الأجساد تطرح على نهر الحياة في الفردوس فتحيا بمائه كما تنبت الحبة في حميل السيل.
•قوله: «كَحِبِّ حَمِيلِ السَّيْلِ» وفي بعض النسخ: «كَحِبة حِمْل السَّيْلِ» وهما بمعنى واحد، أي: الحبة التي يحملها السيل.
والناظم في هذا البيت يشير إلى ما جاء في صحيح مسلم عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمُ النَّارُ بِذُنُوبِهِمْ أَوْ قَالَ بِخَطَايَاهُمْ فَأَمَاتَهُمْ إِمَاتَةً حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحْمًا أُذِنَ بِالشَّفَاعَةِ فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ فَبُثُّوا عَلَى أَنْهَارِ الجنَّةِ ثُمَّ قِيلَ: يَا أَهْلَ الجنَّةِ أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ تَكُونُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ» (١).
والمعنى أن من شاء الله تعالى تعذيبهم من عصاة الموحدين يأذن الله تعالى بالشفاعة لهم بعد ما يكونون فحمًا فيجاء بهم جماعات، فيُلْقَوْن في نهر من أنهار الجنة يعرف بنهر الحياة، فإذا وضعوا في هذا النهر أحياهم الله كما تحيا البذرة التي تكون في مجرى السيل فتنبت وتكبر بعد ذلك، وبعد ما يطرحون في نهر الحياة تحيا أجسادهم وتنبت ثم إذا نقوا دخلوا الجنة، لأن الجنة لا يدخلها إلا نفس مؤمنة نقية.

<<  <   >  >>