للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النوع الثالث: الشفاعة في تخفيف العذاب عمن يستحقه:

وهذه الشفاعة تكون من النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمه أبي طالب:

ودليلها ما جاء في الصحيحين عن العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - أنه قال: «يَا رَسُولَ الله، هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ (١) مِنْ نَارٍ، لَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ» (٢).

وفي الصحيحين أيضًا من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: ذكر عنده عمه أبو طالب فقال: «لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِي مِنْهُ أُمُّ دِمَاغِهِ» (٣).

ويدل حديث العباس السابق أن سبب شفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعمه في تخفيف العذاب هو دفاعه عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونصرته له؛ ولذا كان أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة، كما جاء في صحيح مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ، وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ» (٤).

وينبغي أن نعلم هنا أن هذه الشفاعة التي نفعت أبا طالب، مع كونه كافرًا؛ شفاعة تخفيف فقط، لا شفاعة إخراج من النار.


(١) الضَّحْضاحُ في الأصل: ما رَقَّ من الماء على وجه الأرض ما يبلغ الكعبين واستعاره للنار. ينظر: غريب الحديث لابن الجوزي (٢/ ٦)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٧٥).
(٢) صحيح البخاري (٨/ ٤٦) رقم (٦٢٠٨)، وصحيح مسلم (١/ ١٩٤) رقم (٢٠٩).
(٣) صحيح البخاري (٥/ ٥٢) رقم (٣٨٨٥)، وصحيح مسلم (١/ ١٩٥) رقم (٢١٠).
(٤) صحيح مسلم (١/ ١٩٦) رقم (٢١٢).

<<  <   >  >>