للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الرابعة]

ليست البدع سواء، فهي تبدأ من بدع الوسائل والعادات (١)، إلى بدع العبادات، والأفكار، والاعتقاد، وإن كانت كلها بدعًا، وكلها ضلالة، ولكن الضلال يتفاوت كما يتفاوت الفسق.

وقد عقد الإمام الشاطبي بابًا خاصًّا في ((الاعتصام))، عنوانه ((في أحكام البدع وأنها ليست على رتبة واحدة)) (٢).

قال فيه:

((وقد ثبت التفاوت في المعاصي، فكذلك يتصور مثله في البدع ... )) (٣).

إلى غير ما ذكر من الكلام النفيس، فليراجعه من شاء.

وأحكام ذلك منوطة بصاحب البدعة، وأصوله، وعلمه، ودينه، ودعوته إليها، وخروجه عن سبيل السلف في الأصول، ومنوطة أيضًا بالبدعة نفسها، فكما أن المعاصي تتفاوت -وهي كلها معاصٍ- فكذلك البدع تتفاوت .. فليست بدعة نفي صفات الله - عز وجل - كبدعة السبحة .. وليست بدعة القول بخلق القرآن كبدعة المحراب .. وليست بدعة التجديد كبدعة الانتخابات .. وليس الذي يدعو إلى بدعته كالذي صدرت عنه البدعة جهلًا .. وليس الذي يفارق على بدعته جماعة المسلمين -أو يوالي ويعادي عليها- كالذي لا يفعل شيئا من ذلك .. وليس الذي نَصَّبَ نفسه مُعَادِيًا للطائفة المنصورة -أهل السنة والجماعة السلفية الحقة- كالذي لم يعادهم، ولم يخرج عنهم أو عليهم


(١) الوسائل والعادات: الأصل فيها الإباحة ولا تكون بدعا إلا إذا تعبد بها واتخذت دينا.
(٢) (٢/ ٣٦).
(٣) (٢/ ٣٩).

<<  <   >  >>