للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذين يقولون: نحترم هذه الأفكار، وَنُقَدِّرُهَا، ونُساويها بما كان عليه الصحابة ... أم الذين يقولون: نرجع إلى ما كان عليه الصحابة، ونبطل كلَّ ما حدث بعدهم، مما كان سببًا في تفريق الأمة؟ !

إذا زال سبب التفرق الذي هو الابتداع؛ زال التفرق، وتوحدت الأمة .. {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} [هود: ٧٨].

الابتداع مرض مُعْدٍ:

وفضلًا عن هذا الذي يُحْدِثُهُ الابتداع في الرأي من تَفَرُّقٍ، وإفساد، وضلال، واختلاف، فهو مرض مُعْدٍ خطير؛ ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتل الخوارج، وقال:

((لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ)) (١).

لأنهم أولُ من أحدث في الإسلام الآراء، وابتدع الأفكار.

وَأَمْرُ النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا؛ حتى لا تنتقل عَدْوَاهُمْ، ولا يستطير شَرُّهُمْ؛ ولكي ينقطع نَسْلُ فكرهم تمامًا، كما يُؤْمَرُ باجتثاث الأمراض المعدية من أصلها، بل إن مرض الرأي أعظم من مرض البدن؛ لأن معظم البدع إنما كانت من الآراء، ومعظم الطوائف الضالة إنما وُجِدَتْ بسبب بدعة الرأي.

فالخوارج إنما كان أول ابتداعهم في الآراء، لا في العبادات .. والقدرية والمعتزلة إنما كان أول ابتداعهم في الأفكار، لا في العبادات.


(١) مسلم (٢/ ٧٤١ و ٧٤٢).

<<  <   >  >>