قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزع من شيء إلا شانه)) (١).
إن الرفق مطلوب في كل شيء، حتى مع الحيوانات .. والحكمة مأمورون بها مع كل مدعو، وفي كل دعوة حتى مع الأعداء .. والكلمة الطيبة ممدوحة مع كل مخاطب، سواء كان موحدًا تقيًّا، أو مؤمنًا عاصيًّا، أو مسلمًا مبتدعًا، وسواء كان يهوديًّا، أو نصرانيًّا، أو مجوسيًّا.
وَلَمَّا رَدَّتْ عائشة على اليهود الذين كانوا يؤذون النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرفق في الرد، مع أنهم أعتى عدو للإسلام والمسلمين، فما بالك بمسلم مبتدع، يظن أنه مصيب؟ !
وكذلك أمره تعالى لموسى وهارون -عليهما السلام- من قبل في مخاطبة فرعون، وهو أكفر الكافرين، وإمام المبتدعين، ومع ذلك قال تعالى:
هذا هو الأصل في كل دعوة، ونصيحة، وكلمة، ولكن هذا لا ينفي أن تكون الشدة، وقسوة العبارة -أحيانا- من الحكمة، كما كان ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبعض أصحابه أحيانًا.
وذلك لأن الشدة في موضعها حكمة .. وإن الرفق في موضعه حكمة .. وإن السيف في موضعه حكمة .. ويعتمد هذا على المصلحة المترتبة، والثمرة المقطوفة، وردود الفعل المتوقعة.
(١) أخرجه مسلم (٤/ ٢٠٠٤)، واللفظ له، وأحمد (٦/ ٢٠٦)، وغيرهما.