واعلم -يا ساعيًا إلى السنة- أن الرأي لم يُسَمَّ رَأْيًا إلا لصدوره عَمَّا رآه المرء بفكره من غير دليل شرعي، ولا حُجَّةٍ بَيِّنَةٍ صحيحة.
وأما ما يصدر عن الشرع فَيُسَمَّى تشريعًا وحكمًا، أو سنةً وهدًى.
والرأي المذموم: ما كان مخالفًا لشرع الله سبحانه، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وَهَدْيِ صحبه، وما كان مُحْدَثًا في الدين، ليس عليه دليل بَيِّنٌ، ولا مضت به سنة صحيحة .. وبدهي أن يكون له تزيين، وتحسين، وتكحيل.
وَتُعَدُّ الآراء الْمُحْدَثَةُ في الدين من أخطر أنواع البدع؛ لِمَا يترتب عليها من فساد في العقيدة، وتعطيل للسنن، واختلاف في الأمة.
ولو أن ((الْآرَائِيِّينَ)) لم يُعْمِلُوا فِكْرَهُمْ في نصوص الصفات لَمَا كان هذا الاختلاف الذي طار شَرُّهُ إلى يومنا هذا.
ولو أنهم لم يُعْمِلُوا عقولهم في العقيدة، والغيب، لَمَا كان هذا الخلاف الذي نَخَرَ في جسد هذه الأمة.
فانتشر الفكر الجبري .. وَتَفَشَّى الرأي الإرجائي .. وحكم العقل الاعتزالي .. وطغى العنف والتطرف الخارجي، فَأَفْسَدَ على المسلمين دِينَهُمْ، وَفَرَّقَ عليهم شَمْلَهُمْ.