إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فلا يخفى على كل مسلم واعٍ ما تعانيه أمتُنا الإسلامية من واقع مُفجِع، وحال مؤلمة، تُمَزِّقُ قلبَ الصادقِ، وَتُفَتِّتُ كَبِدَ الْمُخْلِصِ، إذ اجتمع عليها ضَعْفٌ ذَاتِيٌّ شَدِيدٌ، وعدو خارجي ماكر، استغل هذا الضعفَ الموهن، فاخترق منه صفوفها، ثم توغَّل في أعماقها، فصنع لها أعداء داخليين شتى، ما بين ظالم فاجر، وفاسق لاه، ومُرَوِّجٍ لفكر دخيل، باسم الإسلام حينًا، وباسم الحضارة أحيانًا، على حين تَمَزُّق في صفوفها، وغفلة من عوامها، وتفرق في خواصها، فزاد بلاءها بلاء، وجعلها لا تلوي على شيء (١).
فتصدى لهذا المصلحون، فأخطأ كثير منهم الطريقَ، إذ أخطئوا التشخيصَ، فأخطئوا المعالجةَ، فانعكس أثر ذلك ضررًا بالغًا على الدعوة والسمعة، فتعثرت الأولى، وساءت الثانية، فضلًا عن مصائب شتى حَلَّتْ
(١) يُقَالُ: يَلْوِي على أَحَدٍ: أَي: لا يَنْتَظِرُه، ولا يقيمُ عليه، وهو مجازٌ. [هذه الحاشية في النسخة الإلكترونية فقط وليست بالمطبوع (مُعِدُّه للشاملة)]