للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أعظم الواجبات، أَلَا وهو الصلاة ووقتها، واختلفوا في موجبات الوضوء، وفي الفرائض، ومع ذلك كله لم يتفرقوا.

واختلفوا في الْحَجَّاجِ، في إيمانه وكفره، وفي حكم الخروج عليه .. واختلفوا في غلاة القدرية، في كفرهم وإيمانهم، وفي حكم الخروج على أئمتهم .. وَعَزَلَ السلف بعضهم بعضًا عن الولايات، ومع ذلك كله لم يتقاطعوا، ولم يُشَهِّرْ بعضهم ببعض.

وتنازعوا في فَهْمِ بعض الآيات، فقال لهم - صلى الله عليه وسلم -:

((اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا)) (١).

واختلفوا في قضايا كثيرة، ومع هذا كله لم يَرْمِ أحدُ الطرفين الآخرَ بالابتداع، ولا نسبوا بعضهم لفرق الضلال، ولا تفرقوا لذلك، وقاعدتهم العظيمة في ذلك:

إذا حَسُنَتِ النيات، وَصَحَّ التأصيل، فلا مُشَاحَّةَ في التمثيل.

وهذا كله لا ينافي البحث العلمي، والتحقيق الفقهي، الذي يأخذ الراجح، ويرد المرجوح، ويبين الخطأ من الصواب، ضمن الإطار الأخوي، وفي دائرة التناصح، تحت ظل الكتاب والسنة، وَفَهْمِ السلف.

[وجوب المفارقة]

وأما دليل المفارقة على المنهاج فما كان عليه سلفنا الصالح من الصحابة وأتباعهم من مفارقة من خالفهم في المنهاج، فضلًا عن العقيدة، والتبرؤ منهم على رءوس الأشهاد .. وقد ذكرنا في الفصول السابقة ما يغني عن التكرار؛ كتبرئهم


(١) البخاري رقم (٥٠٦٠ و ٥٠٦١)، ومسلم (٤/ ٢٠٥٣)، وغيرهما.

<<  <   >  >>