للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد كان شعارهم في جهادهم:

إِنِ انتصرنا فبفضل الله .. وإن هُزِمْنَا فبذنوبنا، وتقصيرنا في حق ربنا، لا بكثرة عدونا وقوته.

ولذلك كان الخلفاء الراشدون لا يُحَذِّرُونَ المسلمين في قتالهم من عدوهم بقدر ما يحذرونهم من ذنوبهم، ومعاصيهم .. والآثار في ذلك مستفيضة، مشهورة عنهم.

[الإعداد والحذر شيء، والاستخفاف بهم شيء آخر]

ولا يعني هذا من قريب أو بعيد عَدَمَ الحذر .. بل الحذر منهم واجب، بدليل قوله تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: ٧١].

فهذا أمر .. وذاك أمر آخر.

ولا يعني هذا من قريب أو بعيد التقصيرَ في إعداد الْعُدَّةِ، وتهيئة الأسباب المادية في مواجهتهم .. كلَّا .. ثم كلَّا .. فهذا -أيضا- أمر .. وذاك أمر آخر.

قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ... } [الأنفال: ٦٠].

وهذا الفرق لا يدركه إلا مَنْ تَفَقَّهَ بفقه الكتاب والسنة، على مسلك سلفنا الصالح.

وأما أهل زماننا .. فإنهم يعلمون عن عدد عدوهم وعدته أكثر مما يعلمونه عن الله، وعمَّا يجب عليهم في حقه، ويتوكلون على الأسباب المادية،

<<  <   >  >>