للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كيف تُقام دولة الإسلام على أُناس صفوفهم متفرقة، ورائحة خلافاتهم تزكم أنوف المخلصين؟ !

أَلَمْ يَأْنِ لنا أن نتعظ؟ ! أما آن لنا أن نتدبر؟ !

صبر النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة كان تثبيطًا أم حكمة؟

لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يعجزون عن القيام بثورة في مكة، ولم يكن تنقصهم الشجاعة للقيام باغتيال أئمة الكفر ببكة، ولم تعوزهم الحيلة لتنفيذ انقلاب، ولم تنقصهم الفطنة للمشاركة في مجلس النواب (١)، ولكنَّ شيئًا من ذلك لم يكن .. لِمَ؟ ! ؟ !

هل كان ذلك لجبن وخَوْرٍ، أو تثبيط وعمالة؟ !

أم كان لحكمة، وَتَعَقُّلٍ، وفطنة، وتدبر؟

قال ابن كثير عند قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} [النساء: ٧٧]:

((كان المؤمنون في ابتداء الإسلام -وهم في مكة- مأمورين بالصفح، والعفو عن المشركين، والصبر إلى حين، وكانوا يَتَحَرَّقُونَ، وَيَوَدُّونَ لو أُمروا بالقتال؛ ليشتفوا من أعدائهم، ولم يكن الحال إذ ذاك مناسبًا؛ لأسباب كثيرة؛ فلهذا لم يُؤْمَرْ بالجهاد إلا بالمدينة، لَمَّا صارت لهم دارٌ، وَمَنَعَةٌ، وأنصار)) (٢).


(١) كان لدى قريش مجلس للنواب - يمثل في دار الندوة - وليس بينه وبين مجالس أهل زماننا فرق سوى الشكل والوسائل.
(٢) التفسير (١/ ٥٣٨).

<<  <   >  >>