للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستضعافهم يضعف نفوس الأعداء، ويقوي العزائم في نفوس المسلمين التي جعلها الله سببًا من أسباب النصر، مع أخذ أسباب القوة والحذر.

الخامسة: تعظيم الله في النفوس، وأنه هو المدبر لكل شيء، وهو الذي بيده كل شيء، وهو الذي قَدَّرَ لنا هذا بما كسبت أيدينا، وهو الغالب على أمره، وأن الكفار لا يقدرون على شيء إلا بإذنه، وأنهم لا يغلبونه على أمره سبحانه:

{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: ٢١].

فنزداد بذلك إيمانًا بالله، ويقينًا به، وتوكلًا عليه.

الأمر الذي يعجل نصر الله لنا، وتمكينه لعباده الصالحين.

{وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران: ١٢٦].

وهكذا كانت جماهير الإسلام الأولى -جماهير الفتح- كانت تنطلق إلى عدوها، متوكلة على ربها، مستيقنة منه بنصرها، مستعظمة ذنوبها، مستهولة تقصيرها، محتقرة عدوها، مستصغرة عدته وعدده.

فلم تكن تلك الجنود المجندة -التي فتح الله بها البلاد، وهدى على يديها العباد- لتستعظم العدو بشيء ممَّا له.

بل لم تكن تعلم عن عدوها إلا أنه جبان، رعديد، عاص لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، مُعْرِضٌ عن دينه، ومن كان هذا حاله، فجزاؤه الهزيمة والهوان.

لقد كانت أشد ما تحذر منه تلك الجنود المؤمنة أن يقع فيها ما وقع للمسلمين في أُحُدٍ وحُنَيْنٍ، فيصابوا بما أصيبوا.

<<  <   >  >>