للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

((فمنها: تعريفهم سوء عاقبة المعصية، والفشل، والتنازع، وأن الذي أصابهم إنما هو بشؤم ذلك، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ ... } [آل عمران: ١٥٢]، فَلَمَّا ذاقوا عاقبة معصيتهم للرسول، وتنازعهم، وفشلهم، كانوا بعد ذلك أشد حذرًا، ويقظة، وتحرزًا، من أسباب الخذلان)) (١).

الرابعة: إضعاف مكانة الأعداء في نفوس المسلمين .. الأمر الذي يدفعنا إلى استصغارهم، والشموخ عليهم؛ لأنهم إنما سُلِّطُوا علينا بذنوبنا، لا بقوتهم .. وبمعاصينا، لا بِعُدَّتِهِمْ، ولا بعددهم .. الأمر الذي يقوي الروح المعنوية للمسلمين، ويشد عزائم المؤمنين، فلا يجعل الله لأعدائهم رهبة في نفوسهم، ولا خوفًا في قلوبهم.

قال تعالى -عَقِبَ بدر-:

{إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ} [الأنفال: ٤٣].

فَرَفْعُ الروح المعنوية للمسلمين عامل -وأيّ عامل- من عوامل النصر.

وانظر إلى طريق السلف في معالجتهم لمثل هذه الأمور على لسان الإمام السلفي ابن القيم، رحمه الله تعالى:

لا تخشَ كثرتَهم فهم همج الورى ... وذبابُه أتخاف من ذبّان؟ (٢)

فاستعظام الكفار، واستكثارهم، والحديث عن قوتهم أمام جماهير المسلمين .. يُضْعِفُ النفوسَ، ويقوي العدو معنويًّا.


(١) الزاد (٣/ ٢١٨).
(٢) القصيدة النونية شرح أحمد بن إبراهيم بن عيسى (١/ ١٢٢).

<<  <   >  >>