للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فليحذر المسلم أن يكون في صفوفهم؛ حتى لا يصيبه وعيد الله - عز وجل -: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ}.

قال القرطبي: (({كلَّا}: كلمة ردع وزجر، أي: لا تَفْعَلْ بعدها مثلها)) (١).

وإذا تأمل العاقلُ حَالَنَا عَرَفَ:

كم نعبس في وجوه إخوان لنا من العلماء والدعاة الأتقياء، ولا ذنب لهم إلا أنهم ليسوا في حزبنا، ولم ينتسبوا إلى طائفتنا، ويا ليت المسألة تنتهي إلى حد العبوس، إذن لهان الخطب، وسهل الأمر، ولكنها تجاوزت حد البهتان والافتراء.

وكم نحن نخص دعوتنا بأناس دون أناس، وبطبقة دون طبقة، مخالفين بذلك كتاب ربنا، وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم -.

{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ: ٢٨].

وما نعلم نبيًّا من أنبياء الله خَصَّصَ دعوته، أو علمه، بأناس من قومه دون آخرين، ولا فَعَلَ هذا أصحابه -رضوان الله عليهم- عندما فتحوا البلاد، وهدى الله على أيديهم العباد، وَلَمَّا طلب كفار قريش تخصيصَ مجلس لهم دون المساكين، أنزل الله تعالى:

{وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: ٥٢].

وفي صحيح مسلم: أن أبا الطفيل قال: ((كنت عند علي بن أبي طالب،


(١) ((قواعد معرفة الحق))، قاعدة: الحق مقدم على المصالح. وهو كتاب لنا نسأل الله - عز وجل - أن ييسر إتمامه.

<<  <   >  >>