ثُمَّ يَنْزِلُ مِنَ الصَّفا وَيَمْشي حَتَى يُحاذِيَ العَلَمَ، وهو المِيلُ الأَخْضَرُ المُعَلَّقُ بِرُكْنِ المَسْجِدِ على يَسَارِهِ بنحوِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ، فَيَسْعَى الماشي سَعْيًا شَدِيدًا، نَدْبًا إلى العَلَم الآخَرِ بِشَرْطِ أن لا يُؤْذِي ولا يُؤْذَى، ثُمَّ يمشي حَتَى يأتي المَرْوَةَ فَيَرْقَاهَا نَدْبًا، ويَسْتَقْبِلُ القِبْلَة ويقولُ عليها ما قالَ على الصَّفا.
وَيَجِبُ استيعابُ ما بَيْنَهما فَيُلْصِقُ عَقِبَ رِجْلَيْه بِأَسْفَلِ الصَّفَا، وأصابعَهُما بأسْفَلِ المَرْوَةِ، ثُمَّ يَنْقَلِبُ إلى الصَّفَا فَيَمْشِي في مَوْضِعِ مشيه، وَيَسْعَى في مَوْضِعِ سَعْيهِ إلى الصَّفَا، يَفْعَلُ ذَلِكَ سَبْعًا، يَعُدُّ ذَهابَهُ مَرَّةً ورجوعَهُ مَرَّةً، فإن بَدَأ بالمروةِ لَمْ يَعْتَدَّ بِذَلِكَ الشَّوْطِ.
ويُكْثِرُ مِنَ الدُّعاءِ والذِّكْرِ فيما بَيْنَ ذَلِكَ، ومنه:"رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، واعْفُ عَمَّا تَعْلَمُ، وأنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ"(١)، ولا يُشْرَعُ السَعْيُّ بَيْنَهُما إلَّا في حجٍّ أو عُمْرَةٍ، وتُشْتَرَطُ نيتُهُ ومُوالاتُهُ، وكونُهُ بَعْدَ طوافٍ، ولو مَسنونًا.
وتُسَنُّ موالاتُهُ بَيْنَ الطَّوَافِ والسَّعْي، والسُّتْرَةُ، والطَّهَارَةُ مِن حَدَثٍ ونَجَسٍ، وكُرِهَ على غير طَهَارةٍ، والمَرْأَةُ لا تَرْقَى، ولا تَسْعَى شديدًا.
وَتُسَنُّ مُبَادَرَةُ مُعْتَمِرٍ بِذَلِكَ، وتقصيرُهُ من جَمِيعِ شَعْرِهِ ويُوَقِّرُهُ لِيَحْلِقَهُ للحَجِّ، وَيَتَحَلَّلُ مُتَمَتِّعٌ بِذَلِكَ إن لم يكن سَاقَ الهَديَ ولو لَبَّدَ رَأْسَه، وإن كانَ مَعَه هديٌ أَدْخَلَ الحَجَّ على العُمْرَةِ.
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٦٨/ ٤، ٦٩) عن ابن مسعود بإسناد جيد.